المفردات في غريب القرآن، ص : ٥٨٩
يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى [طه / ١٢٤]، وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا [الإسراء / ٩٧]، فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وَعَمِيَ عليه، أي : اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال : فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ
[القصص / ٦٦]، وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ
[هود / ٢٨].
والعَمَاءُ : السّحاب، والعَمَاءُ : الجهالة، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روي أنه [قيل : أين كان ربّنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال : في عماء تحته عماء وفوقه عماء] «١»، قال : إنّ ذلك إشارة إلى أنّ تلك حالة تجهل، ولا يمكن الوقوف عليها، والعَمِيَّةُ : الجهل، والْمَعَامِي :
الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.
عن
عَنْ : يقتضي مجاوزة ما أضيف إليه، تقول :
حدّثتك عن فلان، وأطعمته عن جوع، قال أبو محمد البصريّ «٢» :«عَنْ» يستعمل أعمّ من «على» لأنه يستعمل في الجهات السّتّ، ولذلك وقع موقع على في قول الشاعر :
٣٣٤ -
إذا رضيت عليّ بنو قشير
«٣» قال : ولو قلت : أطعمته على جوع وكسوته على عري لصحّ.
عنب
العِنَبُ يقال لثمرة الكرم، وللكرم نفسه، الواحدة : عِنَبَةٌ، وجمعه : أَعْنَابٌ. قال تعالى :
وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ
[النحل / ٦٧]، وقال تعالى : جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ
[الإسراء / ٩١]، وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ [الرعد / ٤]، حَدائِقَ وَأَعْناباً [النبأ / ٣٢]، وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً [عبس / ٢٨ - ٢٩]، جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ [الكهف / ٣٢]، والْعِنَبَةُ :
بُثْرَةٌ على هيئته.
عنت
الْمُعَانَتَةُ كالمعاندة لكن المُعَانَتَةُ أبلغ، لأنها معاندة فيها خوف وهلاك، ولهذا يقال : عَنَتَ فلان : إذا وقع في أمر يخاف منه التّلف، يَعْنُتُ عَنَتاً. قال تعالى : لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ

_
(١) الحديث عن أبي رزين العقيلي قال : قلت : يا رسول اللّه، أين كان ربنا قبل أن يخلق خلقه؟ قال :«كان في عماء ما تحته هواء، وما فوقه هواء، وخلق عرشه على الماء». أخرجه الترمذي وقال : حديث حسن، وقال ابن العربي : قد رويناه من طرقه، وهو صحيح سندا ومتنا.
انظر : عارضة الأحوذي ١١ / ٢٧٣، وأخرجه أحمد في المسند ٤ / ١١، وابن ماجة ١ / ٦٤.
(٢) هو ابن قتيبة.
(٣) هذا شطر بيت، وعجزه :
لعمر اللّه أعجبني رضاها
وهو للقحيف العقيلي في مغني اللبيب ص ١٩١، والجنى الداني ص ٤٤٥، وخزانة الأدب ١٠ / ١٣٢.


الصفحة التالية
Icon