المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٠٤
إِلَّا غُرُوراً [الأحزاب / ١٢]، وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ
لقمان / ٣٣]، فَالْغَرُورُ : كلّ ما يَغُرُّ الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان، وقد فسّر بالشيطان إذ هو أخبث الْغَارِّينَ، وبالدّنيا لما قيل : الدّنيا تَغُرُّ وتضرّ وتمرّ «١»، والْغَرَرُ : الخطر، وهو من الْغَرِّ، «ونهي عن بيع الْغَرَرِ» «٢».
والْغَرِيرُ : الخلق الحسن اعتبارا بأنّه يَغُرُّ، وقيل :
فلان أدبر غَرِيرُهُ وأقبل هريرة «٣»، فباعتبار غُرَّةِ الفرس وشهرته بها قيل : فلان أَغَرُّ إذا كان مشهورا كريما، وقيل : الْغُرَرُ لثلاث ليال من أوّل الشّهر لكون ذلك منه كالْغُرَّةِ من الفرس، وغِرَارُ السّيفِ : حدّه، والْغِرَارُ : لَبَنٌ قليل، وغَارَتِ النّاقةُ : قلّ لبنها بعد أن ظنّ أن لا يقلّ، فكأنّها غَرَّتْ صاحبها.
غرب
الْغَرْبُ : غيبوبة الشّمس، يقال : غَرَبَتْ تَغْرُبُ غَرْباً وغُرُوباً، ومَغْرِبُ الشّمس ومُغَيْرِبَانُهَا. قال تعالى : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ
[الشعراء / ٢٨]، رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ
[الرحمن / ١٧]، بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ
[المعارج / ٤٠]، وقد تقدّم الكلام في ذكرهما مثنّيين ومجموعين «٤»، وقال : لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ
[النور / ٣٥]، وقال : حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ
[الكهف / ٨٦]، وقيل لكلّ متباعد :
غَرِيبٌ، ولكلّ شيء فيما بين جنسه عديم النّظير : غَرِيبٌ، وعلى هذا قوله عليه الصلاة والسلام :«بدأ الإسلام غَرِيباً وسيعود كما بدأ» «٥» وقيل : العلماء غُرَبَاءُ، لقلّتهم فيما بين الجهّال، والغُرَابُ سمّي لكونه مبعدا في الذّهاب. قال تعالى : فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ
[المائدة / ٣١]، وغَارِبُ السّنام لبعده عن المنال، وغَرْبُ السّيف لِغُرُوبِهِ في الضّريبة «٦»، وهو مصدر في معنى الفاعل، وشبّه به حدّ اللّسان كتشبيه اللّسان

_
١) لم أجد صاحب هذا القول. وهو في البصائر ٤ / ١٢٩، وعمدة الحفاظ : غرر.
(٢) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم نهى عن بيع الغرر، وبيع الحصاة.
أخرجه مسلم في البيوع برقم (١٥١٣)، وأبو داود : باب بيع الغرر برقم (٣٣٧٦)، والنسائي ٧ / ٢٦٢، وابن ماجة في التجارات (برقم ٢١٩٤). وانظر : جامع الأصول ١ / ٥٢٧.
(٣) قال ابن فارس : يقال للشيخ : أدبر غريره وأقبل هريرة. انظر : المجمل ٣ / ٦٨٢، وعمدة الحفاظ : غرر.
(٤) تقدّم هذا في مادة (شرق).
(٥) عن عبد اللّه بن مسعود قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«إنّ الإسلام بدأ غريبا، وسيعود كما بدأ، فطوبى للغرباء. قيل :
ومن الغرباء؟ قال : النزّاع من القبائل»
.
أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، دون قوله : ومن الغرباء... إلخ، وأخرجه أحمد ٥ / ٢٩٦.
(٦) قال ابن منظور : غرب السيف، أي : كانت تدارى حدّته وتتقى. انظر : اللسان (غرب).


الصفحة التالية
Icon