المفردات في غريب القرآن، ص : ٦١٧
تقتضيه بداية العقول، وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام، وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد، ومن قال : الغَيْبُ هو القرآن «١»، ومن قال : هو القدر «٢» فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه. وقال بعضهم «٣» : معناه يؤمنون إذا غَابُوا عنكم، وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم : وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ [البقرة / ١٤]، وعلى هذا قوله : الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ [فاطر / ١٨]، مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ [ق / ٣٣]، وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [النحل / ٧٧]، أَطَّلَعَ الْغَيْبَ [مريم / ٧٨]، فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً [الجن / ٢٦]، لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل / ٦٥]، ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ [آل عمران / ٤٤]، وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ [آل عمران / ١٧٩]، إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
[المائدة / ١٠٩]، إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ [سبأ / ٤٨]، وأَغابَتِ المرأة : غاب زوجها. وقوله في صفة النّساء : حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ
[النساء / ٣٤]، أي : لا يفعلن في غيبة الزّوج ما يكرهه الزّوج. والْغِيبَةُ : أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من عيب من غير أن أحوج إلى ذكره، قال تعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً
[الحجرات / ١٢]، والغَيَابَةُ : منهبط من الأرض، ومنه : الغَابَةُ للأجمة، قال : فِي غَيابَتِ الْجُبِّ [يوسف / ١٠]، ويقال : هم يشهدون أحيانا، ويَتَغَايَبُونَ أحيانا، وقوله : وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ [سبأ / ٥٣]، أي : من حيث لا يدركونه ببصرهم وبصيرتهم.
غوث
الغَوْثُ يقال في النّصرة، والغَيْثُ في المطر، واسْتَغَثْتُهُ : طلبت الغوث أو الغيث، فَأَغَاثَنِي من الغوث، وغَاثَنِي من الغيث، وغَوَّثت من الغوث، قال تعالى : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ
[الأنفال / ٩]، وقال : فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ [القصص / ١٥]، وقوله :
وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ [الكهف / ٢٩]، فإنّه يصحّ أن يكون من الغيث، ويصحّ أن يكون من الغوث، وكذا يُغَاثُوا، يصحّ فيه المعنيان. والغيْثُ : المطر في قوله : كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ [الحديد / ٢٠]، قال الشاعر :
(١) وهو قول زرّ بن حبيش، حكاه عنه الماوردي. انظر : تفسير الماوردي ١ / ٦٥.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١ / ٣٦، عن زيد بن أسلم، وفيه ضعف.
(٣) وهو أبو مسلم الأصفهاني، انظر تفسير الرازي ٢ / ٢٧.