المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٣١
في الصّدقة فرِيضَةٌ. قال : إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ إلى قوله : فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ «١» وعلى هذا ما روي (أنّ أبا بكر الصّدّيق رضي اللّه عنه كتب إلى بعض عمّاله كتابا وكتب فيه : هذه فريضة الصّدقة التي فرضها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على المسلمين) «٢». والفَارِضُ : المسنّ من البقر «٣».
قال تعالى : لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ [البقرة / ٦٨]، وقيل : إنما سمّي فَارِضاً لكونه فارضا للأرض، أي : قاطعا، أو فارضا لما يحمّل من الأعمال الشاقّة، وقيل : بل لأنّ فَرِيضَةُ البقر اثنان : تبيع ومسنّة، فالتّبيع يجوز في حال دون حال، والمسنّة يصحّ بذلها في كلّ حال، فسمّيت المسنّة فَارِضَةً لذلك، فعلى هذا يكون الفَارِضُ اسما إسلاميّا.
فرط
فَرَطَ : إذا تقدّم تقدّما بالقصد يَفْرُطُ «٤»، ومنه : الفَارِطُ إلى الماء، أي : المتقدّم لإصلاح الدّلو، يقال : فَارِطٌ وفَرَطٌ، ومنه قوله عليه السلام :«أنا فرطكم على الحوض» «٥» وقيل في الولد الصّغير إذا مات :«اللّهمّ اجعله لنا فَرَطاً» «٦» وقوله : أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا
[طه / ٤٥]، أي : يتقدّم، وفرس فُرُطٌ : يسبق الخيل، والْإِفْرَاطُ : أن يسرف في التّقدّم، والتَّفْرِيطُ : أن يقصّر في الفَرَط، يقال : ما فَرَّطْتُ في كذا. أي :
ما قصّرت. قال تعالى : ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ [الأنعام / ٣٨]، ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر / ٥٦]، ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ [يوسف / ٨٠]. وأَفْرَطْتُ القربةَ : ملأتها
(١) إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ سورة التوبة : آية ٦٠.
(٢) عن ثمامة حدّثني أنس بن مالك أنّ أبا بكر الصديق كتب له :«بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم على المسلمين التي أمر اللّه بها رسول اللّه...» الحديث بطوله أخرجه ابن ماجة في الزكاة ١ / ٥٧٥، وأخرجه البخاري مختصرا في الزكاة : باب : لا يجمع بين متفرق، ولا يفرّق بين مجتمع. انظر : فتح الباري ٣ / ٣١٤. [.....]
(٣) انظر : المجمل ٣ / ٧١٦، واللسان (فرض).
(٤) انظر : الأفعال ٤ / ١٢.
(٥) الحديث عن سهل بن سعد قال : قال رسول اللّه صلّى الله عليه وسلم :«إنّي فرطكم على الحوض، من مرّ عليّ شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدا...» الحديث أخرجه البخاري في الرقاق ١١ / ٤١٢، ومسلم في باب إثبات حوض نبينا برقم (٢٢٩٠).
(٦) انظر : غريب الحديث ١ / ٤٥، والنهاية ٣ / ٤٣٤. وأخرج الطحاوي عن سمرة بن جندب أنّ صبيا له مات، فقال :
ادفنوه ولا تصلوا عليه، فإنه ليس عليه إثم، ثم ادعوا اللّه لأبويه أن يجعله لهما فرطا وسلفا. انظر : معاني الآثار ١ / ٥٠٧، وأخرجه البخاري في الجنائز عن الحسن. فتح الباري ٣ / ٢٠٣.