المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٣٣
والفَرِيقُ : الجماعة المتفرّقة عن آخرين، قال :
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ
[آل عمران / ٧٨]، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ [البقرة / ٨٧]، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى / ٧]، إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي [المؤمنون / ١٠٩]، أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ [مريم / ٧٣]، وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ [البقرة / ٨٥]، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ [البقرة / ١٤٦]، وفَرَقْتُ بين الشّيئين : فصلت بينهما سواء كان ذلك بفصل يدركه البصر، أو بفصل تدركه البصيرة. قال تعالى : فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ
[المائدة / ٢٥]، وقوله تعالى :
فَالْفارِقاتِ فَرْقاً
[المرسلات / ٤]، يعني :
الملائكة الّذين يفصلون بين الأشياء حسبما أمرهم اللّه، وعلى هذا قوله : فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان / ٤]، وقيل : عمر الفَارُوقُ رضي اللّه عنه لكونه فارقا بين الحقّ والباطل، وقوله : وَقُرْآناً فَرَقْناهُ
[الإسراء / ١٠٦]، أي : بيّنا فيه الأحكام وفصّلناه. وقيل :(فَرَقْنَاهُ) أي : أنزلناه مُفَرَّقاً، والتَّفْرِيقُ أصله للتّكثير، ويقال ذلك في تشتيت الشّمل والكلمة. نحو :
يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة / ١٠٢]، رَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
[طه / ٩٤]، وقوله : لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة / ٢٨٥]، وقوله : لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [البقرة / ١٣٦]، إنما جاز أن يجعل التّفريق منسوبا إلى (أحد) من حيث إنّ لفظ (أحد) يفيد في النّفي، وقال : إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ [الأنعام / ١٥٩]، وقرئ :
فَارَقُوا «١» والفِراقُ والْمُفَارَقَةُ تكون بالأبدان أكثر. قال : هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [الكهف / ٧٨]، وقوله : وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ [القيامة / ٢٨]، أي : غلب على قلبه أنه حين مفارقته الدّنيا بالموت، وقوله : وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ [النساء / ١٥٠]، أي :
يظهرون الإيمان باللّه ويكفرون بالرّسل خلاف ما أمرهم اللّه به. وقوله : وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [النساء / ١٥٢]، أي : آمنوا برسل اللّه جميعا، والفُرْقَانُ أبلغ من الفرق، لأنه يستعمل في الفرق بين الحقّ والباطل، وتقديره كتقدير : رجل قنعان : يقنع به في الحكم، وهو اسم لا مصدر فيما قيل، والفرق يستعمل في ذلك وفي غيره، وقوله : يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال / ٤١]، أي : اليوم الذي يفرق فيه بين الحقّ والباطل، والحجّة والشّبهة، وقوله : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً
[الأنفال / ٢٩]، أي : نورا وتوفيقا على قلوبكم

_
(١) وبها قرأ حمزة والكسائي. من المفارقة، وهي الترك. انظر : الإتحاف ص ٢٢٠.


الصفحة التالية
Icon