المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٤٢
النّفس» «١» والمعنيّ بقولهم : من عدم القناعة لم يفده المال غنى.
الرابع : الفَقْرُ إلى اللّه المشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام :(اللّهمّ أغنني بِالافْتِقَارِ إليك، ولا تُفْقِرْنِي بالاستغناء عنك) «٢»، وإيّاه عني بقوله تعالى : رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ
[القصص / ٢٤]، وبهذا ألمّ الشاعر فقال :
٣٥٤ -
ويعجبني فقري إليك ولم يكن ليعجبني لو لا محبّتك الفقر
«٣» ويقال : افْتَقَرَ فهو مُفْتَقِرٌ وفَقِيرٌ، ولا يكاد يقال :
فَقَرَ، وإن كان القياس يقتضيه. وأصل الفَقِيرِ : هو المكسورُ الْفِقَارِ، يقال : فَقَرَتْهُ فَاقِرَةٌ، أي داهية تكسر الفِقَارَ، وأَفْقَرَكَ الصّيدُ فارمه، أي : أمكنك من فِقَارِهِ، وقيل : هو من الْفُقْرَةِ أي : الحفرة، ومنه قيل لكلّ حفيرة يجتمع فيها الماء : فَقِيرٌ، وفَقَّرْتُ للفسيل : حفرت له حفيرة غرسته فيها، قال الشاعر :
٣٥٥ -
ما ليلة الفقير إلّا شيطان
«٤» فقيل : هو اسم بئر، وفَقَرْتُ الخَرَزَ : ثقبته، وأَفْقَرْتُ البعير : ثقبت خطمه.
فقع
يقال : أصفر فَاقِعٌ : إذا كان صادق الصّفرة، كقولهم : أسود حالك. قال تعالى : صَفْراءُ فاقِعٌ [البقرة / ٦٩]، والْفَقْعُ : ضرب من الكمأة، وبه يشبّه الذّليل، فيقال : أذلّ من فَقْعٍ بقاع «٥»، قال الخليل «٦» : سمّي الفُقَّاعُ لما يرتفع من زبده، وفَقَاقِيعُ الماء تشبيها به.
فقه
الفِقْهُ : هو التّوصل إلى علم غائب بعلم شاهد، فهو أخصّ من العلم. قال تعالى : فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً
[النساء / ٧٨]، وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ [المنافقون / ٧]، إلى غير ذلك من الآيات، والفِقْهُ : العلم بأحكام الشريعة، يقال : فَقُهَ الرّجل فَقَاهَةً : إذا صار فَقِيهاً «٧»، وفَقِهَ أي : فهم
(١) الحديث تقدّم في مادة (غنى). [استدراك ]
٢) ليس هذا من كلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، وإنما هو من دعاء عمرو بن عبيد. انظر : جواهر الألفاظ ص ٥، ومجمع البلاغة للراغب ١ / ٣٤٦.
(٣) البيت في البصائر ٤ / ٢٠٥ دون نسبة. وهو للبحتري من قصيدة له يمدح بها الفتح بن خاقان، ومطلعها :
متى لاح برق أو بدا طلل قفر جرى مستهلّ لا بكيّ ولا نزر
وهو في ديوانه ١ / ١٠٢، والصناعتين ص ١٢٨، والزهرة ١ / ٦٨، وعمدة الحفاظ : فقر.
(٤) هذا شطر بيت، وعجزه :
مجنونة تؤدي بروح الإنسان
وهو للجليح بن شديد رفيق الشماخ. وقيل : هو للشماخ في ديوانه ص ٤١٣، واللسان (فقر)، والمجمل ٣ / ٧٠٣، والأوّل أصح، وتقدّم ص ٤٥٥.
(٥) انظر : المجمل ٣ / ٧٠٣.
(٦) العين ١ / ١٧٦.
(٧) قال السرقسطي : فقهت عنك فقها : فهمت، وفقه فقها : صار فقيها، وفقهت الرجل : غلبته في الفقه. انظر : الأفعال ٤ / ٤٨، والمثلث للبطليوسي ٢ / ٣٤٤.