المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٥٤
الرّضا والإثابة «١». وقيل : القَبُولُ هو من قولهم :
فلان عليه قبول : إذا أحبّه من رآه، وقوله : كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا
[الأنعام / ١١١] «٢» قيل : هو جمع قَابِلٍ، ومعناه : مُقَابِلٌ لحواسهم، وكذلك قال مجاهد : جماعة جماعة «٣»، فيكون جمع قَبِيلٍ، وكذلك قوله :
أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا [الكهف / ٥٥] ومن قرأ قبلا «٤» فمعناه : عيانا «٥». والقَبِيلُ : جمع قَبِيلَةٍ، وهي الجماعة المجتمعة التي يقبل بعضها على بعض. قال تعالى : وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ
[الحجرات / ١٣]، وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا
[الإسراء / ٩٢]، أي : جماعة جماعة.
وقيل : معناه كفيلا. من قولهم : قَبلْتُ فلانا وتَقَبَّلْتُ به، أي : تكفّلت به، وقيل مُقَابَلَةً، أي :
معاينة، ويقال : فلان لا يعرف قَبِيلًا من دبير «٦»، أي : ما أَقْبَلَتْ به المرأة من غزلها وما أدبرت به.
والمُقَابَلَةُ والتَّقَابُلُ : أن يُقْبِلَ بعضهم على بعض، إمّا بالذّات، وإمّا بالعناية والتّوفّر والمودّة. قال تعالى : مُتَّكِئِينَ عَلَيْها مُتَقابِلِينَ
[الواقعة / ١٦]، إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ [الحجر / ٤٧]، ولي قِبَلَ فلانٍ كذا، كقولك :
عنده. قال تعالى : وَجاءَ فِرْعَوْنُ وَمَنْ قَبْلَهُ
«٧» [الحاقة / ٩]، فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ [المعارج / ٣٦]، ويستعار ذلك للقوّة والقدرة على الْمُقَابَلَةِ، أي : المجازاة، فيقال : لا قِبَلَ لي بكذا، أي : لا يمكنني أن أُقَابِلَهُ، قال :
فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لا قِبَلَ لَهُمْ بِها
[النمل / ٣٧]، أي : لا طاقة لهم على اسْتِقْبَالِهَا ودفاعها، والقِبْلةُ في الأصل اسم للحالة التي عليها الْمُقَابِلُ نحو : الجلسة والقعدة، وفي التّعارف صار اسما للمكان الْمُقَابَلِ المتوجّهِ إليه للصلاة.
نحو : فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها [البقرة / ١٤٤]، والقَبُولُ : ريح الصّبا، وتسميتها بذلك لِاسْتِقْبَالِهَا القِبْلَةَ، وقَبِيلَةُ الرأس : موصل الشّؤن.
وشاة مُقَابلَةٌ : قطع من قِبَلِ أذنها، وقِبَالُ النّعلِ :
(١) انظر : البصائر ٤ / ٢٣٥.
(٢) هذه قراءة ابن كثير وأبي عمرو وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب وعاصم. انظر : الإتحاف ص ٢١٥.
(٣) انظر : البصائر ٤ / ٢٣٥، والدر المنثور ٣ / ٣٤١.
(٤) وهي قراءة نافع وابن عامر وأبي جعفر. انظر : الإتحاف ص ٢١٥.
(٥) قال شيخنا أحمد بن محمد حامد الحسين الشنقيطي :
وجا قبل وفق اقتدار، وقد أتى لردف عيان لكن القاف تكسر
وفي النوع فاضمم قافه جامعا له وذلك في الصاوي إذا كنت تنظر
(٦) انظر : أساس البلاغة (دبر)، واللسان (دبر).
(٧) وهي قراءة أبي عمرو والكسائي ويعقوب. الإتحاف ص ٤٢٢.