المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٦
طبيعة الدنيا أن يبقى أحد أكثر منه فيها، وإليها أشار بقوله تعالى : وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ [الحج / ٥]، وقصدهما الشاعر بقوله :
٨ -
رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته....
«١»
وقول الآخر :
٩ -
من لم يمت عبطةً يمت هرماً
«٢» والآجِل ضد العاجل، والأَجْلُ : الجناية التي يخاف منها آجلًا، فكل أَجْلٍ جناية وليس كل جناية أجلًا، يقال : فعلت كذا من أجله، قال تعالى : مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ [المائدة / ٣٢]، أي : من جرّاء، وقرئ :(من إجل ذلك) «٣» بالكسر. أي : من جناية ذلك.
ويقال :(أَجَلْ) في تحقيق خبرٍ سمعته. وبلوغ الأجل في قوله تعالى : وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ [البقرة / ٢٣١]، هو المدة المضروبة بين الطلاق وبين انقضاء العدة، وقوله تعالى : فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة / ٢٣٢]، إشارة إلى حين انقضاء العدّة، وحينئذ لا جناح عليهنّ فيما فعلن في أنفسهن.
أحد
أَحَدٌ يستعمل على ضربين :
أحدهما : في النفي فقط «٤».
والثاني : في الإثبات.
فأمّا المختص بالنفي فلاستغراق جنس الناطقين، ويتناول القليل والكثير على طريق الاجتماع والافتراق، نحو : ما في الدار أحد، أي : لا واحد ولا اثنان فصاعدا لا مجتمعين ولا مفترقين، ولهذا المعنى لم يصحّ استعماله في

_
(١) البيت لزهير بن أبي سلمى من معلقته، وتمامه :
ومن تخطئ يعمّر فيهرم
وهو في ديوانه ص ٨٦، وشرح القصائد للنحاس ١ / ١٢٥، وبصائر ذوي التمييز ٢ / ١٠٩.
(٢) الشطر لأمية بن أبي الصلت، وتتمته :
للموت كأس فالمرء ذائقها
وهو في ديوانه ص ٢٤١، والعباب (عبط)، واللسان (عبط)، وغريب الحديث للخطابي ١ / ٤٤٦، وذيل أمالي القالي ص ١٣٤.
(٣) وهي بكسر الهمزة مع قطعها قراءة شاذة حكاها اللحياني، وقرأ أبو جعفر بكسر الهمزة ونقل حركتها إلى النون، ووافقه الحسن، انظر : الإتحاف ص ٢٠٠، واللسان (أجل).
(٤) قال المختار بن بونا الجكني الشنقيطي في تكميله لألفية ابن مالك :
وعظّموا بأحد الآحاد وأحد في النفي ذو انفراد
بعاقلٍ، ومثله عريب كما هنا من أحدٍ قريب


الصفحة التالية
Icon