المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٦٢
وقوله : فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِ
[طه / ٣٩]، أي :
اطرحيه فيه، وقال : وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ
[الأحزاب / ٢٦]، بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ
[الأنبياء / ١٨]، يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ
[سبأ / ٤٨]، وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً
[الصافات / ٨ - ٩]، واستعير القَذْفُ للشّتم والعيب كما استعير الرّمي.
قر
قَرَّ في مكانه يَقِرُّ قَرَاراً، إذا ثبت ثبوتا جامدا، وأصله من القُرِّ، وهو البرد، وهو يقتضي السّكون، والحرّ يقتضي الحركة، وقرئ : وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب / ٣٣] «١» قيل «٢» : أصله اقْرِرْنَ فحذف إحدى الرّاءين تخفيفا نحو : فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ [الواقعة / ٦٥]، أي : ظللتم. قال تعالى : جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً
[غافر / ٦٤]، أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً [النمل / ٦١]، أي : مستقرّا، وقال في صفة الجنّة :
ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ
«٣»، وفي صفة النّار قال :
فَبِئْسَ الْقَرارُ
[ص / ٦٠]، وقوله : اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ
[إبراهيم / ٢٦]، أي : ثبات، وقال الشاعر :
٣٦٥ -
ولا قرار على زأر من الأسد
«٤» أي : أمن واسْتِقْرَارٍ، ويوم الْقَرِّ : بعد يوم النّحر لاستقرار الناس فيه بمنى، واسْتَقَرَّ فلان : إذا تحرّى الْقَرَارَ، وقد يستعمل في معنى قرّ، كاستجاب وأجاب. قال في الجنّة : خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا [الفرقان / ٢٤]، وفي النار : ساءَتْ مُسْتَقَرًّا [الفرقان / ٦٦]، وقوله : فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ [الأنعام / ٩٨]، قال ابن مسعود : مُسْتَقَرٌّ في الأرض ومستودع في القبور «٥». وقال ابن عبّاس : مستقرّ في الأرض ومستودع في الأصلاب. وقال الحسن : مستقرّ في الآخرة ومستودع في الدّنيا. وجملة الأمر أنّ كلّ حال ينقل عنها الإنسان فليس بالمستقرّ التّامّ. والإِقْرَارُ : إثبات الشيء، قال : وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ
[الحج / ٥]، وقد يكون ذلك إثباتا، إمّا بالقلب، وإمّا باللّسان، وإمّا بهما، والإقرار بالتّوحيد وما يجري مجراه لا يغنى
(١) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وحمزة والكسائي وخلف ويعقوب. انظر : الإتحاف ص ٣٥٥.
(٢) ذكره الفرّاء في معاني القرآن ٢ / ٣٤٢.
(٣) سورة المؤمنون : آية ٥٠، وأولها : وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً، وَآوَيْناهُما إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ وليست الآية في صفة الجنة كما قال المؤلف، بل المراد بالربوة : دمشق، وقيل غيرها من القرى. انظر : الدر المنثور ٦ / ١٠٠.
(٤) هذا عجز بيت، وشطره :
أنبئت أنّ أبا قابوس أوعدني
وهو للنابغة من معلقته، والبيت في ديوانه ص ٣٦.
(٥) انظر : الأقوال في الدر المنثور ٣ / ٣٣٢.