المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٦٣
باللّسان ما لم يضامّه الإقرار بالقلب، ويضادّ الإقرار الإنكار، وأمّا الجحود فإنما يقال فيما ينكر باللّسان دون القلب، وقد تقدّم ذكره «١»، قال :
ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ
[البقرة / ٨٤]، ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا [آل عمران / ٨١]، وقيل : قَرَّتْ ليلتنا تَقِرُّ، ويوم قَرٌّ، وليلة قِرَّةٌ، وقُرَّ فلان فهو مَقْرُورٌ : أصابه الْقُرُّ، وقيل : حرّة تحت قِرَّةٍ «٢»، وقَرَرْتُ القدر أَقُرُّهَا : صببت فيها ماء قَارّاً، أي :
باردا، واسم ذلك الماء الْقَرَارَةُ والْقَرِرَةُ. واقْتَرَّ فلان اقْتِرَاراً نحو : تبرّد، وقَرَّتْ عينه تَقَرُّ : سُرّت، قال : كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها [طه / ٤٠]، وقيل لمن يسرّ به : قُرَّةُ عين، قال : قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ
[القصص / ٩]، وقوله : هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ [الفرقان / ٧٤]، قيل : أصله من القُرِّ، أي : البرد، فَقَرَّتْ عينه، قيل : معناه بردت فصحّت، وقيل : بل لأنّ للسّرور دمعة باردة قَارَّةً، وللحزن دمعة حارّة، ولذلك يقال فيمن يدعى عليه : أسخن اللّه عينه، وقيل : هو من الْقَرَارِ. والمعنى : أعطاه اللّه ما تسكن به عينه فلا يطمح إلى غيره، وأَقَرَّ بالحقّ : اعترف به وأثبته على نفسه. وتَقَرَّرَ الأمرُ على كذا أي :
حصل، والقارُورَةُ معروفة، وجمعها : قَوَارِيرُ قال : قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ [الإنسان / ١٦]، وقال : رْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
[النمل / ٤٤]، أي : من زجاج.
قرب
الْقُرْبُ والبعد يتقابلان. يقال : قَرُبْتُ منه أَقْرُبُ «٣»، وقَرَّبْتُهُ أُقَرِّبُهُ قُرْباً وقُرْبَاناً، ويستعمل ذلك في المكان، وفي الزمان، وفي النّسبة، وفي الحظوة، والرّعاية، والقدرة.
فمن الأوّل نحو : وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ
[البقرة / ٣٥]، وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ
[الأنعام / ١٥٢]، وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى [الإسراء / ٣٢]، فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا [التوبة / ٢٨]. وقوله : وَلا تَقْرَبُوهُنَ
[البقرة / ٢٢٢]، كناية عن الجماع كقوله : فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ [التوبة / ٢٨]، وقوله : فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ [الذاريات / ٢٧].
وفي الزّمان نحو : اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ
[الأنبياء / ١]، وقوله : وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ
[الأنبياء / ١٠٩].

_
(١) راجع : مادة (جحد).
(٢) قال ابن منظور : ومثل العرب للذي يظهر خلاف ما يضمر : حرّة تحت قرّة. انظر : اللسان (قر)، والمجمل ٣ / ٧٢٧، ومجمع الأمثال ١ / ١٩٧، وتقدّم في مادة : حرّ.
(٣) انظر : الأفعال ٢ / ٨٢.


الصفحة التالية
Icon