المفردات في غريب القرآن، ص : ٦٨٩
تعالى : فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ
[البقرة / ٧٩]، وقوله : لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ
[يس / ٧] أي : علم اللّه تعالى بهم وكلمته عليهم كما قال تعالى : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ [الأعراف / ١٣٧] وقوله : إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ [يونس / ٩٦] وقوله : ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ [مريم / ٣٤] فإنما سمّاه قول الحقّ تنبيها على ما قال : إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ [آل عمران / ٥٩] «١» إلى قوله : ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
وتسميته قولا كتسميته كلمة في قوله : وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ [النساء / ١٧١] وقوله : إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ
[الذاريات / ٨] أي : لفي أمر من البعث، فسمّاه قولا، فإنّ الْمَقُولَ فيه يسمّى قولا، كما أنّ المذكور يسمّى ذكرا وقوله : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ [الحاقة / ٤٠ - ٤١] فقد نسب القول إلى الرّسول، وذلك أنّ القول الصادر إليك عن الرّسول يبلّغه إليك عن مرسل له، فيصحّ أن تنسبه تارة إلى الرّسول، وتارة إلى المرسل، وكلاهما صحيح. فإن قيل : فهل يصحّ على هذا أن ينسب الشّعر والخطبة إلى راويهما كما تنسبهما إلى صانعهما؟ قيل : يصحّ أن يقال للشّعر : هو قَوْلُ الراوي. ولا يصحّ أن يقال هو :
شعره وخطبته، لأنّ الشّعر يقع على القول إذا كان على صورة مخصوصة، وتلك الصّورة ليس للرّاوي فيها شيء. والقول هو قول الرّاوي كما هو قول المرويّ عنه. وقوله تعالى : إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ
[البقرة / ١٥٦] لم يرد به القول المنطقيّ فقط بل أراد ذلك إذا كان معه اعتقاد وعمل. ويقال للّسان : الْمِقْوَلُ، ورجل مِقْوَلٌ : منطيق، وقَوَّالٌ وقَوَّالَةٌ كذلك. والْقَيْلُ : الملك من ملوك حمير سمّوه بذلك لكونه معتمدا على قوله ومقتدى به، ولكونه مُتَقَيِّلًا لأبيه. ويقال : تَقَيَّلَ فلان أباه، وعلى هذا النّحو سمّوا الملك بعد الملك تبّعا، وأصله من الواو، لقولهم في جمعه : أَقْوَالٌ نحو :
ميت وأموات، والأصل قَيِّلٌ نحو : ميْت، أصله :
ميّت فخفّف. وإذا قيل : أَقْيَالٌ فذلك نحو :
أعياد، وتقيّل أباه نحو : تعبّد، واقْتَالَ قَوْلًا : قال ما اجترّ به إلى نفسه خيرا أو شرّا. ويقال ذلك في معنى احتكم قال الشاعر :
٣٧٨ -
تأبى حكومة الْمُقْتَالُ
«٢» والقَالُ والقَالَةُ : ما ينشر من القول. قال
(١) الآية إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
(٢) البيت :
ولمثل الذي جمعت من العدّة تأبى حكومة المقتال
وهو للأعشى من قصيدة يمدح بها الأسود بن المنذر اللخمي، ومطلعها :
ما بكاء الكبير بالأطلال وسؤالي فهل تردّ سؤالي
وهو في ديوانه ص ١٦٨، واللسان (قال)، والمعاني الكبير ٢ / ٩٢٤.