المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٠٥
ومعناه : لا يجدونك كاذبا ولا يستطيعون أن يثبتوا كذبك، وقوله : حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا
[يوسف / ١١٠] أي : علموا أنهم تلقوا من جهة الذين أرسلوا إليهم بالكذب، ف «كذّبوا» نحو : فسّقوا وزنّوا وخطّئوا : إذا نسبوا إلى شيء من ذلك، وذلك قوله : فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
[فاطر / ٤] وقوله : فَكَذَّبُوا رُسُلِي [سبأ / ٤٥]، وقوله : إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ [ص / ١٤]، وقرئ : كذبوا «١» بالتّخفيف. من قولهم : كذبتك حديثا.
أي : ظنّ المرسل إليهم أنّ المرسل قد كذبوهم فيما أخبروهم به أنهم إن لم يؤمنوا بهم نزل بهم العذاب، وإنما ظنّوا ذلك من إمهال اللّه تعالى إيّاهم وإملائه لهم، وقوله : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً
[عمّ / ٣٥] الْكِذَّابُ :
التّكذيب. والمعنى : لا يُكَذِّبُونَ فَيُكَذِّبُ بعضهم بعضا، ونفي التّكذيب عن الجنة يقتضي نفي الكذب عنها، وقرئ : كذابا «٢» من الْمُكَاذَبَةِ.
أي : لا يَتَكَاذَبُونَ تَكَاذُبَ الناس في الدنيا، يقال :
حمل فلان على قرنه فكذب «٣»، كما يقال في ضدّه : صدق. وكَذَبَ لبنُ الناقة : إذا ظنّ أن يدوم مدّة فلم يدم. وقولهم :(كَذَبَ عليك الحجُّ) «٤» قيل : معناه وجب فعليك به، وحقيقته أنه في حكم الغائب البطيء وقته، كقولك : قد فات الحجّ فبادر، أي : كاد يفوت. وكَذَبَ عليك العسلَ «٥» بالنّصب، أي : عليك بالعسل، وذلك إغراء، وقيل : العسل هاهنا العسلان، وهو ضرب من العدو، والْكَذَّابَةُ : ثَوْبٌ يُنْقَشُ بلونِ صِبْغٍ كأنه موشى، وذلك لأنه يُكَذَّبُ بحاله.
كر
الْكَرُّ : العطف على الشيء بالذّات أو بالفعل، ويقال للحبل المفتول : كَرٌّ، وهو في الأصل مصدر، وصار اسما، وجمعه : كُرُورٌ.
قال تعالى : ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ

_
(١) وهي قراءة عاصم وحمزة والكسائي وأبي جعفر وخلف. انظر : الإتحاف ص ٢٦٨.
(٢) وهي قراءة الكسائي. انظر : الإتحاف ص ٤٣١.
(٣) قال الزمخشري : ومن المجاز : حمل فلان ثم كذّب : إذا جبن ونكل، ومعناه : كذّب الظن به، أو جعل حملته كاذبة غير صادقة. انظر : أساس البلاغة (كذب). وقال شمّر : يقال للرجل إذا حمل ثم ولّى ولم يمض : قد كذّب عن قرنه تكذيبا، والتكذيب في القتال ضد الصدق فيه. اللسان (كذب). [.....]
(٤) قال أبو عبيد : في حديث عمر :(كذب عليكم الحج، كذب عليكم العمرة، كذب عليكم الجهاد ثلاثة أسفار كذبن عليكم) انظر : غريب الحديث ٣ / ٢٤٨، وأخرجه عبد الرزاق في المصنّف ٥ / ١٧٢.
(٥) الحديث : إنّ عمرو بن معديكرب شكا إلى عمر بن الخطاب المعص، فقال : كذب عليك العسل. يريد :
العسلان، وهو مشي الذئب. أي : عليك بسرعة المشي.
والمعص : التواء في عصب الرّجل. انظر : النهاية ٤ / ١٥٨، والفائق ٢ / ٢٠٠، واللسان (كذب).


الصفحة التالية
Icon