المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٠٧
كرم
الكَرَمُ إذا وصف اللّه تعالى به فهو اسم لإحسانه وإنعامه المتظاهر، نحو قوله : فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ
[النمل / ٤٠]، وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة التي تظهر منه، ولا يقال : هو كريم حتى يظهر ذلك منه. قال بعض العلماء : الكَرَمُ كالحرّيّة إلّا أنّ الحرّيّة قد تقال في المحاسن الصّغيرة والكبيرة، والكرم لا يقال إلا في المحاسن الكبيرة، كمن ينفق مالا في تجهيز جيش في سبيل اللّه، وتحمّل حمالة ترقئ دماء قوم، وقوله تعالى : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ
[الحجرات / ١٣] فإنما كان كذلك لأنّ الْكَرَمَ الأفعال المحمودة، وأكرمها وأشرفها ما يقصد به وجه اللّه تعالى، فمن قصد ذلك بمحاسن فعله فهو التّقيّ، فإذا أكرم الناس أتقاهم، وكلّ شيء شرف في بابه فإنه يوصف بالكرم. قال تعالى :
فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ [لقمان / ١٠]، وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ [الدخان / ٢٦]، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ [الواقعة / ٧٧]، وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً [الإسراء / ٢٣].
والإِكْرَامُ والتَّكْرِيمُ : أن يوصل إلى الإنسان إكرام، أي : نفع لا يلحقه فيه غضاضة، أو أن يجعل ما يوصل إليه شيئا كَرِيماً، أي : شريفا، قال : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ
[الذاريات / ٢٤]. وقوله : بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ
[الأنبياء / ٢٦] أي : جعلهم كراما، قال : كِراماً كاتِبِينَ
[الانفطار / ١١]، وقال : بِأَيْدِي سَفَرَةٍ كِرامٍ بَرَرَةٍ [عبس / ١٥ ١٦]، وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ [يس / ٢٧]، وقوله : ذُو الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ [الرحمن / ٢٧] منطو على المعنيين.
كره
قيل : الْكَرْهُ والْكُرْهُ واحد، نحو : الضّعف والضّعف، وقيل : الكَرْهُ : المشقّة التي تنال الإنسان من خارج فيما يحمل عليه بِإِكْرَاهٍ، والكُرْهُ :
ما يناله من ذاته وهو يعافه، وذلك على ضربين :
أحدهما : ما يعاف من حيث الطّبع.
والثاني : ما يعاف من حيث العقل أو الشّرع، ولهذا يصحّ أن يقول الإنسان في الشيء الواحد :
إني أريده وأَكْرَهُهُ، بمعنى أنّي أريده من حيث الطّبع، وأكرهه من حيث العقل أو الشّرع، أو أريده من حيث العقل أو الشّرع، وأَكْرَهُهُ من حيث الطّبع، وقوله : كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ
[البقرة / ٢١٦] أي : تَكْرَهُونَهُ من حيث الطّبع، ثم بيّن ذلك بقوله : وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ
[البقرة / ٢١٦] أنه لا يجب للإنسان أن يعتبر كَرَاهِيَتَهُ للشيء أو محبّته له حتى يعلم حاله. وكَرِهْتُ يقال فيهما جميعا إلّا أنّ استعماله في الكره أكثر. قال