المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٥٤
٤١٨ -
لا وأبيك ابنة العامريّ
«١» وقد حمل على ذلك قول عمر رضي اللّه عنه - وقد أفطر يوما في رمضان فظنّ أنّ الشمس قد غربت ثم طلعت - : لا، نقضيه ما تجانفنا لإثم فيه، وذلك أنّ قائلا قال له قد أثمنا فقال لا، نقضيه. فقوله :«لَا» ردّ لكلامه قد أثمنا، ثم استأنف فقال : نقضيه «٢». وقد يكون لَا للنّهي نحو : لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ [الحجرات / ١١]، وَلا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ [الحجرات / ١١]، وعلى هذا النّحو : يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ [الأعراف / ٢٧]، وعلى ذلك : لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمانُ وَجُنُودُهُ [النمل / ١٨]، وقوله : وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ [البقرة / ٨٣] فنفي قيل تقديره : إنهم لا يعبدون، وعلى هذا : وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ [البقرة / ٨٤] وقوله :
ما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ [النساء / ٧٥] يصحّ أن يكون «لا تقاتلون» في موضع الحال «٣» : ما لكم غير مقاتلين. ويجعل «لَا» مبنيّا مع النّكرة بعده فيقصد به النّفي. نحو : فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ [البقرة / ١٩٧]، [و قد يكرّر الكلام في المتضادّين ويراد إثبات الأمر فيهما جميعا. نحو أن يقال : ليس زيد بمقيم ولا ظاعن. أي : يكون تارة كذا وتارة كذا، وقد يقال ذلك ويراد إثبات حالة بينهما. نحو أن يقال : ليس بأبيض ولا أسود] «٤»، وإنما يراد إثبات حالة أخرى له، وقوله : لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ [النور / ٣٥].
فقد قيل معناه : إنها شرقيّة وغربيّة «٥». وقيل معناه :
مصونة عن الإفراط والتّفريط. وقد يذكر «لَا» ويراد به سلب المعنى دون إثبات شيء، ويقال له الاسم غير المحصّل. نحو : لا إنسان، إذا قصدت سلب الإنسانيّة، وعلى هذا قول العامّة :
لا حدّ. أي : لا أحد.
لام
اللَّامُ التي هي للأداة على أوجه :
الأول : الجارّة، وذلك أضرب : ضرب لتعدية الفعل ولا يجوز حذفه. نحو : وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ [الصافات / ١٠٣]. وضرب للتّعدية لكن قد
(١) الشطر لامرئ القيس، وعجزه :
لا يدّعي القوم أني أفرّ
وهو في ديوانه ص ٦٨.
(٢) لم أجد هذه القصة.
(٣) انظر : التبيان في إعراب القرآن للعكبري ١ / ٣٧٣، وإعراب القرآن للنحاس ١ / ٤٣٤.
(٤) ما بين[] نقله الزركشي في البرهان ٤ / ٣٥٣.
(٥) قال اليزيدي : لا شرقية : لا تضحى للشرق، ولا غربية : لا تضحى للغرب، ولكنها شرقية غربية يصيبها الشرق والغرب. أي : الشمس والظل. انظر : غريب القرآن وتفسيره ص ٢٧٢.