المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٥٥
يحذف. كقوله : يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ [النساء / ٢٦]، فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً [الأنعام / ١٢٥] فأثبت في موضع وحذف في موضع.
الثاني : للملك والاستحقاق، وليس نعني بالملك ملك العين بل قد يكون ملكا لبعض المنافع، أو لضرب من التّصرّف. فملك العين نحو : وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [المائدة / ١٨]، وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الفتح / ٧]. وملك التّصرّف كقولك لمن يأخذ معك خشبا : خذ طرفك لآخذ طرفي، وقولهم : للّه كذا. نحو : للّه درّك، فقد قيل : إن القصد أنّ هذا الشيء لشرفه لا يستحقّ ملكه غير اللّه، وقيل : القصد به أن ينسب إليه إيجاده. أي : هو الذي أوجده إبداعا، لأنّ الموجودات ضربان :
ضرب أوجده بسبب طبيعيّ أو صنعة آدميّ.
وضرب أوجده إبداعا كالفلك والسماء ونحو ذلك، وهذا الضرب أشرف وأعلى فيما قيل.
ولَامُ الاستحقاق نحو قوله : لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد / ٢٥]، وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ [المطففين / ١] وهذا كالأول لكن الأول لما قد حصل في الملك وثبت، وهذا لما لم يحصل بعد ولكن هو في حكم الحاصل من حيثما قد استحقّ. وقال بعض النحويين : اللَّامُ في قوله :
لَهُمُ اللَّعْنَةُ [الرعد / ٢٥] بمعنى «على» «١» أي : عليهم اللّعنة، وفي قوله : لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [النور / ١١] وليس ذلك بشيء، وقيل : قد تكون اللَّامُ بمعنى «إلى» في قوله : بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها [الزلزلة / ٥] وليس كذلك، لأنّ الوحي للنّحل جعل ذلك له بالتّسخير والإلهام، وليس ذلك كالوحي الموحى إلى الأنبياء، فنبّه باللام على جعل ذلك الشيء له بالتّسخير. وقوله : وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً [النساء / ١٠٥] معناه : لا تخاصم الناس لأجل الخائنين، ومعناه كمعنى قوله :
وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ
[النساء / ١٠٧] وليست اللام هاهنا كاللام في قولك : لا تكن للّه خصيما، لأنّ اللام هاهنا داخل على المفعول، ومعناه : لا تكن خصيم اللّه.
الثالث : لَامُ الابتداء. نحو : لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوى [التوبة / ١٠٨]، لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا [يوسف / ٨]، لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً [الحشر / ١٣].
الرابع : الداخل في باب إنّ، إما في اسمه إذا تأخّر. نحو : إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً [آل عمران / ١٣] أو في خبره. نحو : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ
(١) انظر : كتاب اللامات للهروي ص ٤٢. [.....]