المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٧٣
للشيء، وعند بعض المتكلّمين أنّه عرض، وهو اجتماع جسمين حاو ومحويّ، وذلك أن يكون سطح الجسم الحاوي محيطا بالمحويّ، فالمكان عندهم هو المناسبة بين هذين الجسمين. قال : مَكاناً سُوىً [طه / ٥٨]، وَإِذا أُلْقُوا مِنْها مَكاناً ضَيِّقاً [الفرقان / ١٣] ويقال : مَكَّنْتُه ومكّنت له فتمكّن، قال : وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ
[الأعراف / ١٠]، وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ [الأحقاف / ٢٦]، أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ
[القصص / ٥٧]، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ [القصص / ٦]، وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ
[النور / ٥٥]، وقال : فِي قَرارٍ مَكِينٍ
[المؤمنون / ١٣]. وأمكنت فلانا من فلان، ويقال : مكان ومكانة. قال تعالى :
اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ [هود / ٩٣] وقرئ :
على مكاناتكم «١»، وقوله : ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ
[التكوير / ٢٠] أي :
متمكّن ذي قدر ومنزلة. ومَكِنَات الطّيرِ ومَكُنَاتها :
مقارّه، والمَكْن : بيض الضّبّ، وبَيْضٌ مَكْنُونٌ
[الصافات / ٤٩]. قال الخليل «٢» :
المكان مفعل من الكون، ولكثرته في الكلام أجري مجرى فعال «٣»، فقيل : تمكّن وتمسكن، نحو : تمنزل.
مكا
مكا الطّير يمكو مُكَاءً : صفر، قال تعالى :
وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً [الأنفال / ٣٥] تنبيها أن ذلك منهم جار مجرى مكاء الطّير في قلّة الغناء، والمُكَّاء :
طائر، ومَكَت استه : صوّتت.
ملل
المِلَّة كالدّين، وهو اسم لما شرع اللّه تعالى لعباده على لسان الأنبياء ليتوصّلوا به إلى جوار اللّه، والفرق بينها وبين الدّين أنّ الملّة لا تضاف إلّا إلى النّبيّ عليه الصلاة والسلام الذي تسند إليه.
نحو : فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ [آل عمران / ٩٥]، وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي [يوسف / ٣٨] ولا تكاد توجد مضافة إلى اللّه، ولا إلى آحاد أمّة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلم، ولا تستعمل إلّا في حملة الشّرائع دون آحادها، لا يقال : ملّة اللّه، ولا يقال : ملّتي وملّة زيد كما يقال : دين اللّه ودين زيد، ولا يقال : الصلاة ملّة اللّه. وأصل الملّة من : أمللت الكتاب، قال تعالى : وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ
[البقرة / ٢٨٢]، فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ
(١) وبها قرأ شعبة عن عاصم. انظر : الإتحاف ص ٢٦٠.
(٢) العين ٥ / ٣٨٧.
(٣) وهذا النقل عن التهذيب ١٠ / ٢٩٤.
وقال ثعلب : يبطل أن يكون مكان فعالا، لأنّ العرب تقول : كن مكانك، وقم مكانك، واقعد مقعدك. فقد دلّ هذا على أنه مصدر من «كان» أو موضع منه. انظر : اللسان (مكن).