المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٧٤
الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ
[البقرة / ٢٨٢] وتقال المِلَّة اعتبارا بالشيء الذي شرعه اللّه. والدّين يقال اعتبارا بمن يقيمه إذ كان معناه الطاعة. ويقال : خبزُ مَلَّةٍ، ومَلَّ خبزَه يَمَلُّهُ مَلًّا، والمليل : ما طرح في النار، والمَلِيلَةُ : حرارة يجدها الإنسان، ومَلِلْتُ الشيءَ أَمَلُّهُ «١» : أعرضت عنه. أي : ضجرت، وأَمْلَلْتُهُ من كذا : حملته على أن ملّ. من قوله عليه الصلاة والسلام :«تكلّفوا من الأعمال ما تطيقون فإن اللّه لا يملّ حتى تملّوا» «٢» فإنه لم يثبت للّه مَلَالًا بل القصد أنّكم تملّون واللّه لا يملّ.
ملح
المِلْحُ : الماء الذي تغيّر طعمه التّغيّرَ المعروفَ وتجمّد، ويقال له مِلْحٌ إذا تغيّر طعمه، وإن لم يتجمّد، فيقال : ماءٌ مِلْحٌ. وقلّما تقول العرب : ماءٌ مالحٌ «٣». قال اللّه تعالى : وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ [الفرقان / ٥٣] ومَلَّحْتُ القدرَ :
ألقيت فيها الملح، وأَمْلَحْتُهَا : أفسدتها بالملح، وسمكٌ مَلِيحٌ، ثم استعير من لفظ الملح المَلَاحَةُ، فقيل : رجل مليح، وذلك راجع إلى حسن يغمض إدراكه.
ملك
المَلِكُ : هو المتصرّف بالأمر والنّهي في الجمهور، وذلك يختصّ بسياسة الناطقين، ولهذا يقال : مَلِكُ الناسِ، ولا يقال : مَلِك الأشياءِ، وقوله : مَلِكِ يومِ الدّين [الفاتحة / ٣] فتقديره : الملك في يوم الدين، وذلك لقوله :
لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ
[غافر / ١٦]. وَالمِلْكُ ضربان : مِلْك هو التملك والتّولّي، ومِلْك هو القوّة على ذلك، تولّى أو لم يتولّ. فمن الأوّل قوله : إِنَّ الْمُلُوكَ إِذا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوها
[النمل / ٣٤]، ومن الثاني قوله : إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً
(١) انظر : الأفعال ٤ / ١٤٤.
(٢) الحديث عن عائشة أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلم دخل عليها، وعندها امرأة. قال : من هذه؟ قالت : فلانة، تذكر من صلاتها. قال :
«مه، عليكم بما تطيقون، فو اللّه لا يملّ اللّه حتى تملوا» أخرجه البخاري في الإيمان (فتح الباري ١ / ١٠١)، ومسلم برقم (١١٥٨).
(٣) واستعمل هذا اللفظ الإمام الشافعي كما حكاه المزني عنه حيث قال :(فكلّ ماء من بحر عذب أو مالح) انظر :
مختصر المزني ١ / ٢.
وأنكر بعض اللغويين هذا على الشافعي، وقالوا : تقول العرب : ماء ملح وسمك ملح، ولا تقول : ماء مالح.
وردّهم مردود بما حكاه أبو عمر الزاهد غلام ثعلب قال : سمعت ثعلبا يقول : كلام العرب : ماء ملح وسمك ملح، وقد جاء عن العرب : ماء مالح، وسمك مالح، وأنشد :
بصرية تزوجت بصريه يطعمها المالح والطريا
انظر : الرد على الانتقاد على الشافعي ص ٣٥، وتهذيب اللغة ٥ / ٩٩.