المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٧٥
[المائدة / ٢٠] فجعل النّبوّة مخصوصة والمِلْكَ عامّا، فإن معنى الملك هاهنا هو القوّة التي بها يترشّح للسياسة، لا أنه جعلهم كلّهم متولّين للأمر، فذلك مناف للحكمة كما قيل : لا خير في كثرة الرّؤساء. قال بعضهم : المَلِك اسم لكلّ من يملك السياسة، إما في نفسه وذلك بالتّمكين من زمام قواه وصرفها عن هواها، وإما في غيره سواء تولّى ذلك أو لم يتولّ على ما تقدّم، وقوله :
فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً [النساء / ٥٤]. والمُلْكُ : الحقّ الدّائم للّه، فلذلك قال : لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ [التغابن / ١]، وقال : قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ [آل عمران / ٢٦] فالمُلْك ضبط الشيء المتصرّف فيه بالحكم، والمِلْكُ كالجنس للمُلْكِ، فكلّ مُلْك مِلْك، وليس كلّ مِلْك مُلْكا. قال : قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ [آل عمران / ٢٦]، وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَياةً وَلا نُشُوراً
[الفرقان / ٣]، وقال :
أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ [يونس / ٣١]، قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا
[الأعراف / ١٨٨] وفي غيرها من الآيات. والمَلَكُوتُ : مختصّ بملك اللّه تعالى، وهو مصدر مَلَكَ أدخلت فيه التاء. نحو : رحموت ورهبوت، قال : وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأنعام / ٧٥]، وقال :
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ [الأعراف / ١٨٥] والمَمْلَكة : سلطان المَلِك وبقاعه التي يتملّكها، والمَمْلُوكُ يختصّ في التّعارف بالرقيق من الأملاك، قال : عَبْداً مَمْلُوكاً [النحل / ٧٥] وقد يقال : فلان جواد بمملوكه. أي : بما يتملّكه، والمِلْكَة تختصّ بمِلْك العبيد، ويقال : فلان حسن الملكة. أي :
الصّنع إلى مماليكه، وخصّ ملك العبيد في القرآن باليمين، فقال : لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ
[النور / ٥٨]، وقوله : أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ [النساء / ٣]، أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ [النور / ٣١] ومملوك مقرّ بالمُلُوكَةِ والمِلْكَةِ والمِلْكِ، ومِلَاكُ الأمرِ : ما يعتمد عليه منه. وقيل : القلب ملاك الجسد، والمِلَاكُ :
التّزويج، وأملكوه : زوّجوه، شبّه الزّوج بِمَلِكٍ عليها في سياستها، وبهذا النظر قيل : كاد العروس أن يكون مَلِكاً «١». ومَلِكُ الإبل والشاء ما يتقدّم ويتّبعه سائره تشبيها بالملك، ويقال : ما لأحد في هذا مَلْكٌ ومِلْكٌ غيري. قال تعالى :

_
(١) انظر : مجمع الأمثال ٢ / ١٥٨، والعين ٥ / ٣٨٠.


الصفحة التالية
Icon