المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٩٠
كقوله : زَيَّنَهُ فَتَزَيَّنَ، وحَلَّاهُ فَتَحَلَّى، وجَمَّلَهُ فَتَجَمَّلَ، لكن لمَّا تُعُورِفَ فيمن يدَّعِي النُّبوَّةَ كَذِبا جُنِّبَ استعمالُه في المُحقِّ، ولم يُستعمَل إلّا في المُتقوِّل في دَعْواه. كقولك : تَنَبَّأَ مُسَيْلِمَةُ، ويقال في تصغير نَبيء : مُسَيْلِمَة نُبَيِّئُ سَوْءٍ، تنبيهاً أنَّ أخباره ليست من أخبار اللّه تعالى، كما قال رجل سمع كلامه : واللّه ما خرج هذا الكلام من إلٍّ «١» أي : اللّهِ. والنَّبْأَة الصَّوْتُ الخَفِيُّ.
نبى
النبيُّ بغير همْز، فقد قال النحويُّون : أصله الهمْزُ فتُرِكَ همزُه، واستدلُّوا بقولهم : مُسَيْلِمَةُ نُبَيِّئُ سَوْءٍ. وقال بعضُ العلماء : هو من النَّبْوَة، أي : الرِّفعة «٢»، وسمّي نَبِيّاً لرِفْعة محلِّه عن سائر الناس المدلول عليه بقوله : وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [مريم / ٥٧]. فالنَّبِيُّ بغير الهمْز أبلغُ من النَّبِيء بالهمْز، لأنه ليس كلّ مُنَبَّإ رفيعَ القَدْر والمحلِّ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام لمن قال : يا نَبِيءَ اللّه فقال :«لَسْتُ بِنَبِيءِ اللّه ولكنْ نَبِيُّ اللّهِ» «٣» لمّا رأى أنّ الرّجل خاطبه بالهمز ليَغُضَّ منه. والنَّبْوَة والنَّبَاوَة : الارتفاع، ومنه قيل : نَبَا بفلان مكانُهُ، كقولهم : قَضَّ عليه مضجعه، ونَبَا السيفُ عن الضَّرِيبة : إذا ارتدَّ عنه ولم يمض فيه، ونَبَا بصرُهُ عن كذا تشبيهاً بذلك.
نتق
نَتَقَ الشيءَ : جَذَبَهُ ونَزَعَهُ حتى يسترخِيَ، كنَتْقِ عُرَى الحِمْل. قال تعالى : وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ
[الأعراف / ١٧١]، ومنه استعير : امرأة نَاتِقٌ : إذا كثُر ولدُها، وقيل : زِنْدٌ نَاتِقٌ : وَارٍ، تشبيهاً بالمرأة النَّاتِق.
نثر
نَثْرُ الشيء : نشره وتفريقه. يقال : نَثَرْتُهُ فَانْتَثَرَ.
قال تعالى : وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ
[الانفطار / ٢] ويسمَّى الدِّرْع إذا لُبِسَ نَثْرَةً، ونَثَرَتِ الشاةُ : طَرَحَتْ من أنفها الأَذَى، والنَّثْرَة :
ما يَسِيلُ من الأنف، وقد تسمَّى الأنفُ نَثْرَةً، ومنه : النَّثْرَة لنجم يقال له أنْفُ الأسد، وطَعَنَهُ
(١) ذكر أبو بكر الباقلاني أنّ أبا بكر الصديق سأل أقواما قدموا عليه من بني حنيفة عن هذه الألفاظ - أي : ألفاظ مسيلمة - فحكوا بعضها، فقال أبو بكر : سبحان اللّه! ويحكم، إنّ هذا الكلام لم يخرج عن إلّ، فأين كان يذهب بكم.
راجع : إعجاز القرآن ص ١٥٧.
(٢) انظر : اللسان (نبأ)، والحجة في القراءات للفارسي ٢ / ٩٠، والقول البديع ص ٢٩.
(٣) الحديث عن أبي ذر قال : جاء أعرابي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فقال : يا نبيء اللّه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم :«لست بنبيء اللّه، ولكني نبيّ اللّه» أخرجه الحاكم، وقال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وتعقّبه الذهبي وقال : بل منكر لم يصح، وفيه حمران بن أعين ليس بثقة، وهو واه. انظر : المستدرك ٢ / ٢٣١.
وقال ابن عمر : ما همز رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا الخلفاء، وإنما الهمز بدعة ابتدعوها من بعدهم.