المفردات في غريب القرآن، ص : ٧٩٥
نحل
النَّحْل : الحَيَوانُ المخصوصُ. قال تعالى :
وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ
[النحل / ٦٨] والنَّحْلَةُ والنِّحْلَةُ : عَطِيَّة على سبيل التّبرُّع، وهو أخصُّ من الهِبَة، إذ كلُّ هِبَةٍ نِحْلَةٌ، وليس كلُّ نِحْلَةٍ هِبَةً، واشتقاقه فيما أرى «١» أنه من النَّحْل نظرا منه إلى فعله، فكأنَّ نَحَلْتُهُ : أعطيته عطيّةَ النَّحْلِ، وذلك ما نبّه عليه قوله : وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ الآية [النحل / ٦٨]. وبيَّن الحكماء أنّ النّحل يقع على الأشياء كلّها فلا يضرّها بوجه، وينفع أعظْمَ نفعٍ، فإنه يعطي ما فيه الشِّفاء كما وصفه اللّهُ تعالى، وسُمِّيَ الصَّدَاقُ بها من حيثُ إنه لا يجب في مقابلته أكثرُ من تمتُّع دون عِوَضِ ماليٍّ، وكذلك عطيَّةُ الرَّجُل ابْنَهُ. يقال : نَحَلَ ابنَه كذا، وأَنْحَلَهُ، ومنه :
نَحَلْتُ المرأةَ، قال تعالى : وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً
[النساء / ٤] والانْتِحَالُ : ادِّعَاءُ الشيءِ وتناوُلُه، ومنه يقال : فلان يَنْتَحِلُ الشِّعْرَ.
ونَحِلَ جِسْمُهُ نُحُولًا : صار في الدّقّة كالنَّحْل، ومنه : النَّوَاحِلُ للسُّيُوف أي : الرِّقَاق الظُّبَات تصوُّراً لنُحُولِهَا، ويصحُّ أن يُجْعَل النِّحْلَة أصلا، فيُسَمَّى النَّحْل بذلك اعتبارا بفعله. واللّه أعلم.
نحن
نَحْنُ عبارة عن المتكلِّم إذا أَخْبَرَ عن نفسه مع غيره، وما وَرَدَ في القرآن من إِخبار اللّه تعالى عن نفسه بقوله : نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ
[يوسف / ٣] فقد قيل : هو إخبار عن نفسه وحده، لكن يُخَرَّجُ ذلك مَخْرَجَ الإِخبار المُلوكيّ.
وقال بعضُ العلماء : إنّ اللّه تعالى يذكر مثلَ هذه الألفاظ إذا كان الفعل المذكور بعده يفعله بواسطة بعضِ ملائكته، أو بعض أوليائه، فيكون «نحن» عبارة عنه تعالى وعنهم، وذلك كالوحي، ونُصْرة المؤمنين، وإِهلاك الكافرين، ونحو ذلك مما يتولَّاه الملائكةُ المذكورونَ بقوله :
فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً [النازعات / ٥] وعلى هذا قوله : وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ
[الواقعة / ٨٥] يعني : وَقْتَ المُحْتَضَرِ حين يَشْهَدُهُ الرُّسُلُ المذكورون في قوله : تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ [النحل / ٢٨] وقوله : إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ [الحجر / ٩] لمّا كان بوِساطة القلم واللَّوح وجبريل.
نخر
قال تعالى : أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً
[النازعات / ١١] من قولهم : نَخِرَتِ الشَّجْرةُ.
أي : بَلِيَتْ، فهَبَّتْ بها نُخْرَةُ الرِّيح. أي : هُبُوبُهَا والنَّخِيرُ : صوْتٌ من الأَنْف، ويسمَّى حرْفا الأَنْف
(١) ووافقه في هذا الفيروزآبادي في البصائر ٥ / ٢٧، والسمين في عمدة الحفاظ : نحل.