المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٣
وقيل : هو من : أَلِهَ، أي : تحيّر، وتسميته بذلك إشارة إلى ما قال أمير المؤمنين عليّ رضي اللّه عنه :(كلّ دون صفاته تحبير الصفات، وضلّ هناك تصاريف اللغات) وذلك أنّ العبد إذا تفكّر في صفاته تحيّر فيها، ولهذا روي :«تفكّروا في آلاء اللّه ولا تفكّروا في اللّه» «١».
وقيل : أصله : ولاه، فأبدل من الواو همزة، وتسميته بذلك لكون كل مخلوق والها نحوه، إمّا بالتسخير فقط كالجمادات والحيوانات، وإمّا بالتسخير والإرادة معا كبعض الناس، ومن هذا الوجه قال بعض الحكماء : اللّه محبوب الأشياء كلها «٢»، وعليه دلّ قوله تعالى : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ [الإسراء / ٤٤].
وقيل : أصله من : لاه يلوه لياها، أي :
احتجب. قالوا : وذلك إشارة إلى ما قال تعالى :
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ [الأنعام / ١٠٣]، والمشار إليه بالباطن في قوله :
وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ [الحديد / ٣]. وإِلَهٌ حقّه ألا يجمع، إذ لا معبود سواه، لكن العرب لاعتقادهم أنّ هاهنا معبودات جمعوه، فقالوا : الآلهة. قال تعالى : أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا [الأنبياء / ٤٣]، وقال :
وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ [الأعراف / ١٢٧] وقرئ :
(و إلاهتك) «٣» أي : عبادتك. ولاه أنت، أي :
للّه، وحذف إحدى اللامين.
«اللهم» قيل : معناه : يا اللّه، فأبدل من الياء في أوله الميمان في آخره «٤»، وخصّ بدعاء اللّه، وقيل : تقديره : يا اللّه أمّنا بخير «٥»، مركّب تركيب حيّهلا.
إلى
إلى : حرف يحدّ به النهاية من الجوانب الست، وأَلَوْتُ في الأمر : قصّرت فيه، هو منه، كأنه رأى فيه الانتهاء، وأَلَوْتُ فلانا، أي : أوليته تقصيرا نحو : كسبته، أي : أوليته كسبا، وما ألوته جهدا، أي : ما أوليته تقصيرا بحسب الجهد، فقولك :«جهدا» تمييز، وكذلك : ما ألوته نصحا. وقوله تعالى : لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا
[آل
(١) الحديث رواه أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس بلفظ :«تفكروا في خلق اللّه ولا تفكروا في اللّه» ورواه ابن أبي شيبة في كتاب العرش ص ٥٩ من قوله عن ابن عباس بلفظ :«تفكروا في كل شيء ولا تتفكروا في اللّه».
وجاء أحاديث كثيرة بمعناها قال العجلوني : وأسانيدها ضعيفة لكن اجتماعها يكسبه قوة، ومعناه صحيح.
راجع : كشف الخفاء ١ / ٣١١، والنهاية في غريب الحديث ١ / ٦٣.
(٢) انظر : عمدة الحفاظ :(أله).
(٣) وبها قرأ عليّ بن أبي طالب وابن عباس والضحاك، وهي قراءة شاذة، راجع : القرطبي ٧ / ٢٦٢.
(٤) وهذا قول الخليل رحمه اللّه، انظر : اللسان (أله)، ومعاني الفراء ١ / ٢٠٣، والغريبين للهروي ١ / ٧٩.
(٥) وهذا قول الفراء، ذكره في معاني القرآن ١ / ٢٠٣.