المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٦٦
رضي اللّه عنه : هو المال «١». وباعتبار لونه في حال نضارته قيل : بَعِيرٌ أَوْرَقُ : إذا صار على لونه، وبعيرٌ أَوْرَقُ : لونه لون الرّماد، وحمامةٌ وَرْقَاءُ. وعبّر به عن المال الكثير تشبيها في الكثرة بالوَرَقِ، كما عبّر عنه بالثّرى، وكما شبّه بالتّراب وبالسّيل كما يقال : له مال كالتّراب والسّيل والثرى، قال الشاعر :
واغفر خطاياي وثمّر وَرَقِي
«٢» والوَرِقُ بالكسر : الدّراهم. قال تعالى :
فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذِهِ
[الكهف / ١٩] وقرئ : بِوَرِقِكُمْ «٣» و(بِوِرْقِكُمْ) «٤»، ويقال : وَرْقٌ ووَرِقٌ ووِرْقٌ، نحو كَبْد وكَبِد، وكِبْد.
ورى
يقال : وَارَيْتُ كذا : إذا سترته. قال تعالى :
قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ
[الأعراف / ٢٦] وتَوَارَى : استتر. قال تعالى :
حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ
[ص / ٣٢] وروي أن النبيّ عليه الصلاة والسلام «كان إذا أراد غزوا وَرَّى بِغَيْرِهِ» «٥»، وذلك إذا ستر خبرا وأظهر غيره.
والوَرَى، قال الخليل «٦» : الوَرَى : الأنامُ الذين على وجه الأرض في الوقت، ليس من مضى، ولا من يتناسل بعدهم، فكأنّهم الذين يسترون الأرض بأشخاصهم، و(وَرَاءُ) إذا قيل : وَرَاءُ زيدٍ كذا، فإنه يقال لمن خلفه. نحو قوله تعالى : وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ [هود / ٧١]، ارْجِعُوا وَراءَكُمْ [الحديد / ١٣]، فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرائِكُمْ [النساء / ١٠٢]، ويقال لما كان قدّامه نحو : وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ [الكهف / ٧٩]، وقوله : أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ [الحشر / ١٤]، فإن ذلك يقال في أيّ جانب من الجدار، فهو وَرَاءَهُ باعتبار الذي في الجانب الآخر. وقوله : وَراءَ ظُهُورِكُمْ
[الأنعام / ٩٤]، أي : خلّفتموه بعد موتكم، وذلك تبكيت لهم في أن لم يتوصّلوا بمالهم إلى اكتساب ثواب اللّه تعالى به وقوله فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ
[آل عمران / ١٨٧]، فتبكيت لهم. أي : لم يعملوا به ولم يتدبّروا آياته، وقوله : فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ
[المؤمنون / ٧]، أي : من ابتغى أكثر مما بيّناه، وشرعناه من تعرّض لمن يحرم التّعرّض له فقد

_
(١) عن قتادة قال : قرأها ابن عباس :«وكان له ثمر» بالضم، يعني : أنواع المال. الدر المنثور ٥ / ٣٩٠.
(٢) الرجز للعجاج في ديوانه ص ١١٨، والبصائر ٥ / ١٩٩.
(٣) قرأ بإسكان الراء أبو عمرو وشعبة وحمزة وخلف ويعقوب. الإتحاف ص ٢٨٩.
(٤) وهي قراءة شاذة.
(٥) قال كعب بن مالك : ولم يكن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم يريد غزوة إلا ورّى بغيرها، حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول اللّه في حرّ شديد. يريد غزوة تبوك. انظر : فتح الباري ٨ / ١١٣، باب : حديث كعب بن مالك، وأخرجه أبو داود برقم ٢٦٣٧.
(٦) العين ٨ / ٣٠٥.


الصفحة التالية
Icon