المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٦٧
تعدّى طوره، وخرق ستره، وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ
[البقرة / ٩١]، اقتضى معنى ما بعده، ويقال : وَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَرْياً : خرجت ناره، وأصله أن يخرج النّار من وَرَاءِ المقدح، كأنما تصوّر كمونها فيه كما قال :
٤٦٢ -
ككمون النار في حجره
«١» يقال : وَرِيَ يَرِي مثل : وَلِيَ يَلِي. قال تعالى :
أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ
[الواقعة / ٧١] ويقال : فلان وَارِي الزّندِ : إذا كان منجحا، وكابي الزّند : إذا كان مخفقا، واللّحمُ الوَارِي :
السّمينُ. والوَرَاءُ : ولدُ الولدِ، وقولهم :
(وَرَاءَكَ) «٢»، للإغراء ومعناه : تأخّر. يقال : وَرَاءَكَ أوسع لك، نصب بفعل مضمر. أي : ائت.
وقيل تقديره : يكن أوسع لك. أي : تنحّ، وائت مكانا أوسع لك. والتَّوْرَاةُ : الكتابُ الذي ورثوه عن موسى، وقد قيل : هو فَوْعَلَةٌ، ولم يجعل تَفْعَلَة لقلة وجود ذلك، والتاء بدل من الواو نحو :
تَيْقُورٍ، لأنّ أصله وَيْقُورٌ، التاء بدل عن الواو من الوقار، وقد تقدّم «٣».
وزر
الوَزَرُ : الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل.
قال تعالى : كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ
[القيامة / ١١] والوِزْرُ : الثّقلُ تشبيها بِوَزْرِ الجبلِ، ويعبّر بذلك عن الإثم كما يعبّر عنه بالثقل. قال تعالى :
لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً (يَوْمَ الْقِيامَةِ) وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ
[النحل / ٢٥]، كقوله : وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت / ١٣] وحمل وِزْر الغيرِ في الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلّى اللّه عليه وسلم بقوله :«من سنّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجره شيء، ومن سنّ سنّة سيّئة كان له وِزْرُهَا ووِزْرُ من عمل بها» «٤» أي : مثل وِزْرِ مَن عمل بها. وقوله تعالى : وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى
[الأنعام / ١٦٤] أي : لا يحمل وِزْرَهُ من حيث يتعرّى المحمول عنه، وقوله : وَوَضَعْنا عَنْكَ
(١) العجز لأبي نواس، وصدره :
كمن الشّنان فيه لنا
وهو من قصيدة مطلعها :
أيها المنتاب عن عفره لست من ليلي ولا سمره
لا أذود الطير عن شجر قد بلوت المرّ من ثمره
وهو في ديوانه ص ٤٢٧، وما يجوز للشاعر في الضرورة ص ٢٤، والموشح ص ٢٧٣.
(٢) قال سيبويه : تنحّ ووراءك : إذا قلت : افطن لما خلفك.
انظر : الكتاب ١ / ٢٤٩، وأصول النحو ١ / ١٤١، والمسائل الحلبيات ص ١٠٦.
(٣) تقدّم في مادة (توراة) في كتاب التاء. [.....]
(٤) الحديث تقدّم في مادة (شفع).