المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٧
وقوله تعالى : لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ [آل عمران / ١١٣] أي : جماعة، وجعلها الزجاج هاهنا للاستقامة، وقال : تقديره :
ذو طريقة واحدة «١»، فترك الإضمار أولى.
والأُمِّيُّ : هو الذي لا يكتب ولا يقرأ من كتاب، وعليه حمل : هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ [الجمعة / ٢] قال قطرب : الأُمِّيَّة : الغفلة والجهالة، فالأميّ منه، وذلك هو قلة المعرفة، ومنه قوله تعالى :
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ [البقرة / ٧٨] أي : إلا أن يتلى عليهم.
قال الفرّاء : هم العرب الذين لم يكن لهم كتاب، والنَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ [الأعراف / ١٥٧] قيل : منسوب إلى الأمّة الذين لم يكتبوا، لكونه على عادتهم كقولك : عامّي، لكونه على عادة العامّة، وقيل : سمي بذلك لأنه لم يكن يكتب ولا يقرأ من كتاب، وذلك فضيلة له لاستغنائه بحفظه، واعتماده على ضمان اللّه منه بقوله : سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى [الأعلى / ٦]. وقيل : سمّي بذلك لنسبته إلى أمّ القرى.
والإِمام : المؤتمّ به، إنسانا كأن يقتدى بقوله أو فعله، أو كتابا، أو غير ذلك محقّا كان أو مبطلا، وجمعه : أئمة. وقوله تعالى : يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ [الإسراء / ٧١] أي : بالذي يقتدون به، وقيل : بكتابهم «٢»، وقوله :
وَاجْعَلْنا لِلْمُتَّقِينَ إِماماً [الفرقان / ٧٤]. قال أبو الحسن : جمع آم «٣»، وقال غيره : هو من باب درع دلاص، ودروع دلاص «٤»، وقوله :
وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً
[القصص / ٥] وقال :
وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ [القصص / ٤١] جمع إمام.
وقوله تعالى : وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ [يس / ١٢] فقد قيل : إشارة إلى اللوح المحفوظ، والأَمُّ : القصد المستقيم، وهو التوجه نحو مقصود، وعلى ذلك : وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ
[المائدة / ٢] وقولهم : أَمَّهُ : شجّه، فحقيقته إنما هو أن يصيب أمّ دماغه، وذلك على حدّ ما يبنون من إصابة الجارحة لفظ فعلت منه «٥»، وذلك نحو : رأسته، ورجلته، وكبدته،

_
(١) معاني القرآن ١ / ٤٥٨. [.....]
(٢) انظر : الغريبين ١ / ٩٥.
(٣) أبو الحسن الأخفش، وقال : الإمام هاهنا جماعة، كما قال : فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي راجع : معاني القرآن للأخفش ٢ / ٤٢٣.
(٤) قال في اللسان : ودرع دلاص : برّاقة ملساء لينة، والجمع دلص، وقد يكون الدلاص جمعا مكسّرا.
ويقال : درع دلاص، وأدرع دلاص، للواحد والجمع على لفظ واحد.
(٥) وفي ذلك يقول شيخنا حفظه اللّه :
فعل صوغها من الأعيان مطّرد عند ذوي الأذهان
نحو ظهرته كذا رقبته وقس كذلك إلى يددته
.


الصفحة التالية
Icon