المفردات في غريب القرآن، ص : ٨٨
وبطنته : إذا أصيب هذه الجوارح.
و«أَمْ» إذا قوبل به ألف الاستفهام فمعناه :
أي «١» نحو : أزيد أم عمرو، أي : أيّهما، وإذا جرّد عن ذلك يقتضي معنى ألف الاستفهام مع بل، نحو : أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ [ص / ٦٣] أي : بل زاغت.
و«أمَّا» حرف يقتضي معنى أحد الشيئين، ويكرّر نحو : أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً وَأَمَّا الْآخَرُ فَيُصْلَبُ [يوسف / ٤١]، ويبتدأ بها الكلام نحو : أمّا بعد فإنه كذا.
أمد
قال تعالى : تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران / ٣٠]. والأَمَد والأبد يتقاربان، لكن الأبد عبارة عن مدّة الزمان التي ليس لها حدّ محدود، ولا يتقيد، لا يقال : أبد كذا.
والأَمَدُ : مدّة لها حدّ مجهول إذا أطلق، وقد ينحصر نحو أن يقال : أمد كذا، كما يقال : زمان كذا، والفرق بين الزمان والأمد أنّ الأمد يقال باعتبار الغاية، والزمان عامّ في المبدأ والغاية، ولذلك قال بعضهم : المدى والأمد يتقاربان.
أمر
الأَمْرُ : الشأن، وجمعه أُمُور، ومصدر أمرته :
إذا كلّفته أن يفعل شيئا، وهو لفظ عام للأفعال والأقوال كلها، وعلى ذلك قوله تعالى : إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ [هود / ١٢٣]، وقال : قُلْ : إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ، يَقُولُونَ : لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ [آل عمران / ١٥٤]، أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ [البقرة / ٢٧٥] ويقال للإبداع : أمر، نحو : أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ [الأعراف / ٥٤]، ويختص ذلك باللّه تعالى دون الخلائق وقد حمل على ذلك قوله تعالى : وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها [فصلت / ١٢] وعلى ذلك حمل الحكماء قوله :
قُلِ : الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء / ٨٥] أي : من إبداعه، وقوله : إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [النحل / ٤٠] فإشارة إلى إبداعه، وعبّر عنه بأقصر لفظة، وأبلغ ما يتقدّم فيه فيما بيننا بفعل الشيء، وعلى ذلك قوله : وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ [القمر / ٥٠]، فعبّر عن سرعة إيجاده بأسرع ما يدركه وهمنا.
والأمر : التقدم بالشيء سواء كان ذلك بقولهم : افعل وليفعل، أو كان ذلك بلفظ خبر نحو : وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ [البقرة / ٢٢٨]، أو كان بإشارة أو غير ذلك، ألا ترى أنّه قد سمّى ما رأى إبراهيم في المنام من ذبح ابنه أمرا حيث قال : إِنِّي أَرى فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ماذا تَرى قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ [الصافات / ١٠٢] فسمّى ما رآه في
(١) راجع : الجنى الداني ص ٢٢٥، ومغني اللبيب ص ٦١ - ٦٢.