ج ١، ص : ٤١
مع تحريم جميع الأفعال في الصيد. ونص على تحريم البيع إذا نودي للصلاة لأنه أعظم ما يبتغون به منافعهم.
فقيل لهم : فلم لا يخص كجسم الميتة تنبيها على الإجزاء؟..
فأجابوا بأنه أريد به مراغمة الكفار في تخصيص اللحم الذي هو أعظم مقاصدهم من الخنزير بالتحريم..
قوله تعالى :(وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) (١٧٣)، ولا يرى ذلك أصحابنا محرما إلا من جهة الإعتقاد، ومقتضاه أن النصراني إذا سمى المسيح على الذبح يحل، وهو ظاهر مذهب الشافعي ومذهب عطاء ومكحول والحسن وسعيد بن المسيب، والمشرك وإن ذبح على اسم اللّه تعالى لا يحل.
ونقل عن الشافعي خلاف ذلك في النصراني يذبح على اسم المسيح، وليس بصحيح، فإن اللّه تعالى أباح لنا أكل ذبائحهم مع علمه بأنهم يهلون باسم المسيح، وأن النصراني إذا سمى اللّه عز وجل ثالث ثلاثة فإنما يريد بمطلقه المسيح، وذلك معلوم من اعتقاده، وبه كفرناه، وليس كالمنافق الذي ليس يحكم بكفره ظاهرا بما يعتقده، والنصراني حكم بكفره لما يعتقده من الشرك فلا يغيره بالتسمية مع الإعتقاد القبيح «١».
قوله :(فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ) (١٧٣) يحتمل غير باغ في الميتة ولا عاد في الأكل، ويحتمل العدوان بالسفر، فلا جرم اختلف قول الشافعي في إباحة أكل الميتة للمضطر العاصي بسفره.
ويشهد لأحد القولين قوله تعالى :(إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) «٢»، فإنه عام.
ويشهد للقول الآخر قوله :(وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) «٣»...
(١) في نسخة المبيح.
(٢) سورة المائدة آية ١١٩.
(٣) سورة النساء آية ٢٩.