ج ١، ص : ٤٢
وليس أكل الميتة عند الضرورة رخصة، بل هو عزيمة واجبة، ولو امتنع من أكل الميتة كان عاصيا.
وليس تناول الميتة من رخص السفر، أو متعلقا بالسفر، بل هو من نتائج الضرورة سفرا كان أو حضرا، وهو كالإفطار للعاصي المقيم إذا كان مريضا، وكالتيمم للعاصي المسافر عند عدم الماء، وهو الصحيح عندنا..
قوله تعالى :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ «١» فِي الْقَتْلى ) الآية :(١٧٨) ظن ظانون أن أول الكلام تام في نفسه، وأن الخصوص بعده في قوله :(الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ) لا يمنع من التعلق بعموم أوله، وهذا غلط منهم، لأن الثاني ليس مستقلا دون البناء على الأول، إذ قول القائل :«الحر بالحر والعبد بالعبد» لا يفيد حكم القصاص إلا على وجه البناء على الأول، فإن الثاني ليس الأول، وتقديره : كتب عليكم القصاص وهو الحر بالحر قصاصا، والعبد بالعبد قصاصا، فوجب بناء الكلام عليه.
قالوا : أمكن أن يقال : كتب عليكم القصاص مطلقا، وقوله :
(الْحُرُّ بِالْحُرِّ) لنفي قتل غير القاتل، وهو معنى قوله عليه السلام :
«إن من أعنى الناس على اللّه تعالى يوم القيامة ثلاثة : رجل قتل غير
(١) القصاص هو أن يفعل به مثل ما فعل به من قولك اقتص أثر فلان أذا فعل مثل فعله، ومعنى كتب عليكم فرض عليكم، وتمام الآية :(الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّباعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ ذلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ).