ج ١، ص : ٥٩
قال :«ألا لا وصية لوارث»، فكان الميراث قائما مقام الوصية فلم يجز الجمع بينهما..
والذي ذكره الشافعي رحمه اللّه من أن ناسخه الخبر يعترض عليه من وجهين :
أحدهما : أنه منقطع وهو لا يقبل المراسيل.
الثاني أنه لو كان متصلا كان نسخ القرآن بالسنة وعنده أن ذلك غير جائز.
ثم قال الشافعي : قوله عليه السلام :«ألا لا وصية لوارث» لا ينفي الوصية أصلا للأقربين الذين لا يرثون ودل لفظ الكتاب عليهم ولم يرد ما يوجب نسخه.
وقال الشافعي : حكم النبي عليه السلام في ستة مملوكين أعتقهم رجل ولا مال له غيرهم، فجزّأهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم ثلاثة أجزاء، فأعتق إثنين وأرق أربعة، والذي أعتقهم رجل من العرب، والعرب إنما تملك من لا قرابة بينهم وبينه من العجم، فأجاز لهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم الوصية، فالوصية لو كانت تبطل لغير قرابته بطلت للعبيد المعتقين لأنهم ليسوا بقرابة للميت وبطلت الوصية للوالدين..
ويعترض على هذا بأنه يجوز أن يكون أمه أعجمية فيكونوا أقرباء من قبل أمه عجما فيكون العتق وصية لأقربائه، ولأن فيه نسخ القرآن بالسنة.
والذي يقال في ذلك : أن قوله (وَالْأَقْرَبِينَ) ليس نصا في حق غير الوارث بل يجوز أن يكون قد عنى بالأقربين الوارثين منهم، فغاية ما في ذلك تخصيص العموم لا النسخ.


الصفحة التالية
Icon