ج ١، ص : ٨١
عن البيت، صالحهم على أن يرجع عامة القابل، ويخلو له مكة ثلاثة أيام، فلما كان في العام القابل، تجهز رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم وأصحابه لعمرة القضاء، وخافوا أن لا تفي لهم قريش، وأن يصدوهم عن البيت ويقاتلونهم، وكره أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قتالهم في الشهر الحرام في الحرم، فأنزل اللّه تعالى :
(وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ) «١» يعني قريشا الذين صالحوهم، (وَلا تَعْتَدُوا) فنبذوا في الحرم بالقتال، ودل عليه ظاهر ما بعده وهو قوله :
(وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ) «٢» يعني أن شركهم باللّه عز وجل، أعظم من قتلكم إياهم في الحرم، والذي كان منهم من تعذيب من أسلم وظفروا به، ليفتنوهم عن الدين، أعظم من قتالكم إياهم في الشهر الحرام.
وقال :(وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ) «٣». معناه حتى لا يكون الشرك الذي هو باعث على الفتنة، ويكون الدين كله للّه، ولذلك لم يقبل العلماء الجزية من وثنيي العرب، فإن اللّه تعالى قال في حقهم :
(١) كما ذكر القرطبي ج ٢ ص ٣٢٦، زاد المسير ج ١ ص ١٩٧، الدر المنثور ج ١ ص ٢٠١، الفخر الرازي ج ٥ ص ١٤٠، مجمع البيان ج ٢ ص ٢٨٤.
(٢) سورة البقرة آية ١٩١.
(٣) سورة البقرة آية ١٩٣.