ج ٢، ص : ٣١٠
(وَابْتَلُوا الْيَتامى حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ)، وذلك يقتضي اعتياد إيناس الرشد عقيب بلوغ النكاح من غير تطاول المدة.
وقوله تعالى :(وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ)، يقتضي مثل ذلك، فإن اسم اليتيم إنما يطلق على قبل البلوغ حقيقة، وعلى قرب العهد بالبلوغ مجازا، فإما أن يقال : إنه يتناول ابن خمس وعشرين سنة فصاعدا إلى مائة، وهو جهل عظيم.
والعجيب أن أبا حنيفة إنما أطلق الحجر، لأنه قال قد بلغ أشده وصار يصلح أن يكون جدا، فإذا صار يصلح أن يكون جدا، فكيف يصح إعطاؤه المال بعلة اليتم، وباسم اليتم، وهل ذلك إلا في غاية البعد «١».
قوله تعالى :(وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا «٢» فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ «٣» لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ «٤» وَرُباعَ) الآية (٣).
واختلفت أقاويل المفسرين في معناه :
(١) انظر روائع البيان ج ١ ص ٤٢٥.
(٢) أي أن لا تعدلوا في النساء.
(٣) أي من طبن لنفوسكم من جهة الجمال أو الحسن أو العقل أو الصلاح منهن.
ومعنى الآية : وأن خفتم يا أولياء اليتامى أن لا تعدلوا فيهن إذا نكحتموهن، باساءة العشرة أو بنقص الصداق، فانكحوا غيرهن من الغريبات فإنهن كثير ولم يضيق الله عليكم.
فالآية للتحذير من التورط في الجور عليهن والأمر بالاحتياط، وان في غيرهن متسعا الى الأربع.
(٤) ما معنى قوله تعالى :(مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ)؟.
اتفق العلماء على أن هذه الكلمات من ألفاظ العدد، وتدل كل واحدة منها على المذكور من نوعها، فمثنى تدل على اثنين اثنين، وثلاث تدل على ثلاثة ثلاثة، ورباع تدل على أربعة أربعة، والمعنى : أنكحوا ما اشتهت نفوسكم من النساء ثنتين ثنتين وثلاثا ثلاثا، وأربعا أربعا حسبما تريدون.
انظر : روائع البيان ج ١ ص ٤٢٦ - ٤٢٧، ومحاسن التأويل ج ٥ ص ١١٠٩ للقاسمي.