ج ٢، ص : ٣٣٩
(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ) «١».
إنما عنى به في الميراث بالإسلام، إذا لم تكن قرابة، فإن الشافعي رضي اللّه عنه، يرى المسلمين ورثة في ذلك الوقت، ما كان الإسلام كافيا في هذا المعنى دون المهاجرة مع الإسلام، وإلا فلا وجه لدعوى من يدعي أن المحالفة المجردة، أو الهجرة المجردة، مورثة مع وجود الهجرة في حق ذوي الأرحام والعصبات، إذ جائز أن يكون قوله :(فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) أي : آتوهم نصيبهم من الوصية، ولعله كانت الوصية واجبة لهؤلاء، ثم نسخت الوصية، والأول أظهر.
وأبو حنيفة يرى التوريث بالحلف والمعاقدة، ويقول : إن حكمها ما نسخ، ولكن جعلت الرحم أولى منها.
فهو يرى أن الأسباب التي يورث بها شتى، فمنها الإسلام، ومنها المعاقدة والتواخي في الدين، والاتحاد في الديوان، وفوقها الولاء، وفوقها الزوجية، وكان الرجل إذا مات اعتدت امرأته سنة كاملة في بيته، ينفق عليها من تركته، وهو قوله :
(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ) - إلى قوله (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ) «٢» ثم نسخ ذلك بالربع والثمن.
وقوله :(يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ)، نسخ به وجوب الميراث للذين ذكر ميراثهم في كتاب اللّه تعالى، والأقربون الذين ليسوا بوارثين، فأبان دخولهم تحت اللفظ تعينا، ولكن اللفظ عموم في حقهم، فلم يتبين قطعا وجوب الوصية لأولئك النفر، الذين لم يبين اللّه ميراثهم، فلا نسخ من هذا الوجه، وإنما هو تخصيص عموم.
(١) سورة الأنفال آية ٧٢.
(٢) سورة البقرة آية ٢٤٠.