ج ٢، ص : ٣٤٥
فاجتمع للأب الاستحقاق من جهتين : التعصيب والفرض.
وإن كان الولد ذكرا، فللأبوين السدسان بحكم النص، والباقي للابن لأنه أقرب العصبات من الأب، فخرجت منه مسألة البنت والأبوين، وما ذكره الفرضيون من الجمع للأب بين الفرض والتعصيب.
وقال عز وجل :(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ)، ولم يذكر نصيب الأب، فاقتضى ظاهر اللفظ أن للأب الثلثين، إذ ليس هناك مستحق غيره، وقد أثبت لهما أولا، فاقتضى ظاهر اللفظ المساواة لو اقتصر على قوله :(وَوَرِثَهُ أَبَواهُ)، دون تفصيل نصيب الأم، فلما ذكر نصيب الأم «١»، دل على أن للأب الثلثين، وهو الباقي بحكم العصوبة، وبين اللّه تعالى ميراث الأم مع الأب، وفرض لغيرها من الورثة عند الانفراد مثل البنت والأخت وغيرهما من أصحاب الفروض، كالزوج والزوجة.
والحكمة فيه : أنه عز وجل أراد أن يبين حجبها بمن لا يرث في قوله :(وَلِأَبَوَيْهِ) إلى قوله :(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)، فلو ذكر ميراثها؟؟؟ منفردة، لاحتمل أنها لا يحجبها من لا يرث مثل الأخوة مع الأب، فأزال هذا الإشكال، وأفاد هذه الفائدة، حتى لا يتوهم أن الذي لا يرث «٢» بحاجب الأشخاص، كالأخوة الذين يحجبون بالأوصاف مثل القتل والرق والكفر، فهذا بيان هذا المعنى.
ثم قال تعالى :(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ)، وقد حجبها
(١) أي وقصره على الثلث.
(٢) الأولى : أن الذي لا يرث ليس بحاجب، لأن الأب والأم والأخوة يكون ميراث الأم السدس والباقي للأب ولا شيء للاخوة، هذا والراجح أن الأخ الكافر أو القاتل والرقيق لا يحجب أمه الى السدس.