ج ٢، ص : ٣٤٦
جماهير العلماء بأخوين، وانفرد ابن عباس، فاعتبر في حجبها من الثلث إلى السدس «١»، ولا شك أن ظاهر قوله :(فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ)، يقتضي أن ما دون ذلك وضعت العرب له اسم التثنية، وقد غايرت العرب بين المنزلتين، أعني منزلة التثنية والجمع في ظاهر إطلاق اللفظ.
وليس الكلام في أن معنى الجمع هل يتحقق في الإثنين أم لا، فإن المعنى بذلك أن لفظ الجمع المركب من الجيم والميم والعين حقيقة في الإثنين، فإنه مشتق من الاجتماع والضم، ويتحقق ذلك في الاثنتين تحققه في الثلاثة، وإنما الكلام في لفظ الأخوة هل يظهر إطلاقه على موضع الأخوان؟
ويجوز أن تفترق منازل الجموع في إطلاق ألفاظ، مثل قول القائل عشرة دراهم ومائة درهم، وقد لا تفترق، فيكون التعبير عن الإثنين مثل التعبير عن الثلاثة، من غير أن ترتيب المنازل من التثنية والواحد أن الجمع مثل قولك : قمنا لنفسه وأخرى معه، ولنفسه وآخرين معه من غير فصل.
فإذا تقرر ذلك، فليس في قول القائل إن لفظ الجمع حقيقة في الاثنين أخذا من موضع الاشتقاق وهو الجمع، جواب عن احتجاج ابن عباس بظاهر كتاب اللّه عز وجل في إطلاق الأخوة في موضع الأخوين، وهذا بيّن «٢».
نعم، قد يطلق لفظ الأخوة على الأخوين معدولا به عن الأصل، كما يطلق لفظ الجمع في موضع الواحد، ويعبر عن الواحد بلفظ الاثنين
(١) أي اعتبر ظاهر اللفظ (فان كان له اخوة)، وفي الجصاص : قال ابن عباس :
للام الثلث، وكان لا يحجبها الا بثلاثة من الأخوة والأخوات.
(٢) والقائل بذلك الجصاص في تفسير الآية، ففيه : والحجة للقول الأول (الحجب بأخوين) أن اسم الأخوة قد يقع على الاثنين.