ج ٢، ص : ٣٥٦
وإذا نحن بينا ميراث الأمهات والزوجات والأزواج ومن يحجبهن فيتعلق بما إليه، انتهى الكلام أن اللّه تعالى قال :(وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ)، فاقتضى ذلك أن للأم الثلث والباقي للأب، إذا لم يكن ثم إخوة ولا أولاد ميت، فعلى هذا قال ابن عباس في زوج وأبوين : إن للأم الثلث الكامل، فيكون ميراثها، زائدا على ميراث الأب.
وكذلك قال في زوجة وأبوين.
وتابعه ابن سيرين في المرأة والأبوين وخالفه في الزوج والأبوين، لئلا يكون تفضيلا للأم على الأب.
واعلم أن الاستدلال بالقرآن في مخالفة ابن عباس ممكن هين، وذلك أن اللّه تعالى جعل الميراث بين الأبوين أثلاثا، مثل ما بين الإبن والبنت في قوله :(لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)، وجعل بين الأخ والأخت أثلاثا، فإذا سمى للزوج والزوجة ما سمى لهما، وأخذا نصيبهما، كان الباقي بين الإبن والبنتين على ما كان قبل دخولهما، وكذلك بين الأخ والأخت، يجب أن يكون على هذه النسبة، فاعلم أن ذلك إنما يكون إذا كان الابن يأخذ بالعصوبة، فأما إذا كان يأخذ بالفرض فهو والأم سواء، فإنه إذا كان في الفرض أبوان وابن، فللأبوين السدسان والباقي للابن، لأنه لا عصوبة للأب أصلا مع الابن، وإنما يأخذ بالفرض، فكان الذكر والأنثى في هذا المعنى سواء كأولاد الأم.
وهذا يرد عليه الزوج والزوجة، لأنه جعل بينهما على نسبة التفاوت، مع أنهما يأخذان بالفرض المحض، وعلى أن الأب إذا كان يأخذ بالتعصيب في زوج وأبوين، فالعصب مانع، فلا نظر إلى التفصيل،