ج ٣، ص : ١٦٦
وقد قيل : لو لا تقدم دلالة القرآن على أن الصغائر مغفورة عند اجتناب الكبائر لمسهم العذاب، فعلى هذا ثبت كونهم عصاة، وإن كانت الصغائر مغفورة، فيصح أن يعاتبوا على ما فعلوه.
وقد قيل : معناه لو لا أن الوعيد يتقدم العقاب، لمسكم فيما أخذتم، ولكن سبق الكتاب بأن لا مؤاخذة إلا بعد النهي.
وقد قال قائلون : يجوز أن يكون توقفه بعد الأسر في قتلهم، صغيرة ورد فيها العقاب.
ويقال : كيف يكون هذا صغيرة مع تقدم قوله :(فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ)، وأنتم إن جعلتم ذلك صغيرة، لم تجعلوا قوله :(فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ) واردا بعد حرب بدر بل قبله، فإذا ثبت ذلك، فلا بد أن تكون مخالفة الأمر في ذلك كبيرة.
قيل : احتمل أنهم توهموا أن القتل لما كثر جاز العدول إلى الأسر.
قوله تعالى :(فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً)، الآية ٦٩ :
ليس فيه بيان أكله بعد القسمة أو قبلها، أو بعد الغلبة والإحراز بدار الإسلام.
قوله تعالى :(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، الآية/ ٧٢.
يدل قوله :(وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ ءٍ) «١» : على وجوب الهجرة، إلا أنها كانت واجبة في وقت، وقد زال ذلك الوجوب بالفتح لقوله صلّى اللّه عليه وسلم :
(١) سورة الأنفال آية ٧٢.