ج ٣، ص : ٥١
ففي قول : يتيمم، وهو قول أكثر العلماء، لأن اللّه تعالى جعل فرضه الشيئين : إما الماء وإما التراب، فإذا لم يكن الماء مغنيا عن التيمم كان غير موجود شرعا.
وعلى القول الآخر يقول : إن اللّه تعالى ذكر الماء، فاقتضى ذلك أن لا يجد ما يقع عليه اسم الماء جملة، وإذا وجد من الماء، ما لا يكفيه، فقد وجد الماء، فلم يتحقق شرط التيمم. فإذا استعمله وفقد الماء، تيمم لما لم يجد.
واختلف قول الشافعي فيما إذا نسي الماء في رحله ثم تيمم، والصحيح أنه يعيد، لأنه إذا كان الماء عنده «١» فهو واجد، لكنه لا يدري أنه واجد، وأن الشيء عنده، والكلام في علم اللّه تعالى، فإذا كان عند إنسان شيء فذلك الشيء هو موجود عنده، وإذا كان موجودا فهو واجد للموجود إذ يستحيل أن يكون موجودا عنده وليس بواجد له، إلا أنه نسي أنه واجد له.
والقائل الآخر يقول : إذا لم يعلمه فلم يجده، وقد يقول : كان عندي ولم أجده، وقد يكون الشيء في دار رجل فيطلبه فيقال له :
هل وجدته أم لا؟ فيقول وجدته أو ما وجدته، فإذا نسيه في رحله فلم يجده.
فيقال : هذا إنما يستقيم أن لو طلبه فلم يجده، وعندنا لو طلب فلم يجد كان مقدورا، إلا أنه لا يجوز أن يكون في الرحل، فيطلب من الرحل فلا يجده، والطلب من الرحل شرط، حتى يقال لمن طلب ولم يجد إنه لم يجد، والشافعي أوجب طلب الماء، لأنه لا يقال لم أجد، إلا إذا طلب، وإذا لم يطلب في مظنة الماء، فلا يحسن أن يقال : لم أجد.
(١) في الأصل : غيره.