ج ٣، ص : ٧٥
ومن هذا القبيل أن يستشفع به إلى السلطان من يتقي شر السلطان، فيستشفع له على رشوة يأخذها منه.
ويقرب من هذا أخذ القاضي الهدية، إذا كان لا يهدى إليه من قبل.
فالارتشاء على الحكم، هو الذي ورد فيه اللعن على الراشي والمرتشي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم.
والرشوة هي التي دعت اليهود إلى كتمان ما أنزل اللّه تعالى من نعوت نبينا على الأنبياء المرسلين، فإنهم آثروا حظهم من الدنيا على اتباعه، فكتموا ما أنزل اللّه تعالى من نعوته، بعد أن كانوا أغروا به من آبائهم وأبنائهم، وجحدوا بألسنتهم ما استيقنته أنفسهم ظلما وعتوا، فأدّاهم شؤم الارتشاء إلى الكفر بما أنزل اللّه تعالى، فصاروا إلى محاربة اللّه ورسوله وعذاب الأبد.
قوله تعالى :(فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) الآية (٤٢) :
وقد اختلف العلماء فيه : فقال قائلون : يتخير الإمام في حقهم : إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم وردهم إلى دينهم.
وقال قائلون : التخيير منسوخ.
والقولان محكيان عن الشافعي.
وقال ابن عباس : آيتان نسختا من المائدة : آية القلائد، وقوله تعالى :(فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ).
أما القلائد، فنسخها الأمر بقتل المشركين حيث كانوا، وأي شهر كانوا، وأما الأخرى فنسخت بقوله تعالى :(وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ) «١».

__
(١) سورة المائدة آية ٤٩.


الصفحة التالية
Icon