ج ٣، ص : ٨٧
الظالم، أو ليضربن اللّه تعالى بقلوب بعضكم بعضا ثم ليلعنكم كما لعنهم «١».
وفي الآية دليل على النهي عن مجالسة المجرمين وأمر بهجرانهم،
وأكد ذلك بقوله في الإنكار على اليهود :
(تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا) «٢».
والضمير في منهم راجع إلى اليهود، وقال آخرون هو راجع إلى أهل الكتاب على معاداة النبي عليه الصلاة والسلام ومحاربته، وأراد بالنبي موسى عليه السلام، أنهم غير مؤمنين إذا كانوا يتولون المشركين.
قوله تعالى :(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ) «٣».
فيه دليل على أن العبد لا يمكنه أن يحرم على نفسه ما أحله اللّه تعالى له بعقده وقصده.
وروى ابن عباس، أن رجلا أتى النبي صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : يا رسول اللّه، إني إذا أكلت اللحم انتشرت فحرمته على نفسي، فأنزل اللّه تعالى :
(لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ).
وروى قتادة أن ناسا من أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، كانوا هموا بترك اللحم والنساء والإخصاء، فأنزل اللّه تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ).
وفيه دليل على أن ذلك منه لغو، وأبو حنيفة رأى أن ذلك صار محرما عليه، وأنه إذا تناوله لزمته الكفارة، وهو بعيد.
(١) أخرجه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
(٢) سورة المائدة آية ٨٠.
(٣) سورة المائدة آية ٨٧.