ج ٣، ص : ٨٨
وعند عامة العلماء : إذا حرم جارية على نفسه، لزمته الكفارة بمجرد التحريم عند الشافعي، من غير حاجة إلى وطئها، وليس ذلك لأنه تناول محرما، فباين ذلك ما نحن فيه، فاعلمه «١».
ولو قدرنا تحريم الشيء عليه، فتناول المحرم لا يقتضي وجوب شيء عليه في الدنيا، مثل تناول الميتة والدم ولحم الخنزير.
قالوا : اليمين تعلقت الكفارة بها، لأنها تحرم المحلوف عليه، فوجبت الكفارة عند الحنث بتناول المحرم باليمين، ولا وجوب لها من قبل، ولكن هذا لا وجه له على تفصيل أصلهم، فإنهم قالوا :
لو حرم الطعام على نفسه حنث بأكل جزء منه.
ولو قال : واللّه لا آكل هذا الرغيف، لم يحنث بأكل بعضه، وقدروا فيه الشرط والجزاء وارتباط أحدهما بالآخر، مثل قوله : إن أكلت هذا الرغيف فعبدي حر، فلا يحنث بأكل البعض منه، وذلك يدل على أن الحنث ليس متعلقا بتناول المحرم، وإنما هو باعتبار مخالفة الشرط والجزاء، وهذا لا ريب فيه.
قوله تعالى :(لا يُؤاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ) «٢»، عقيب نهيه عن تحريم ما أحله اللّه تعالى.
قال ابن عباس : لما حرموا الطيبات من المأكل، حلفوا على ذلك، فأنزل اللّه تعالى هذه الآية، وأبان أن الحلف لا يحرم شيئا، وهو دليل
(١) انظر محاسن التأويل.
(٢) سورة المائدة آية ٨٩.