ج ٤، ص : ٢١٠
وقال قوم : إنه لا يتحدد ذلك، ويختلف باختلاف أحوال الناس، فمنهم من يكثر وجوه حرجه، فيعد فقيرا مع ملك نصب كثيرة، وربما احتاج في يوم إلى نصاب، فهذا يعد فقيرا، وهو أقرب إلى الظاهر، وهو مذهب الشافعي رحمه اللّه تعالى.
واختلفوا في أنه هل يدفع له مقدار أم لا؟
فقال بعضهم : لا يجوز أن يدفع إليه أكثر مما يصير به غنيا.
وقال آخرون : يجوز، وهو الأليق بالظاهر، فإنه تعالى جوز وضع الصدقة في الفقير ولم يفصل.
واختلفوا في هل استحقاق الصدقات كلها بالفقير والحاجة فقط، أو بذلك مع غيره.
فمنهم من قال بالوجه الأول، وزعم أن اللّه تعالى إنما ذكر الأصناف لاختلاف معنى الحاجة فيهم، فأكد ذلك وبينه، وإلا فالوجه الذي لأجله يجوز وضع الصدقة فيهم واحد، على ما قاله عليه الصلاة والسلام، وردها في فقرائهم.
فبين أن الاستحقاق بهذا الوجه الواحد.
وأما العاملون، فإنهم يأخذون من جهة الفقراء لا من جهة رب المال، إلا أنه لا يدفع إليهم إلا أجرة سعيهم، فهم كالوكلاء للفقراء، ومنهم يأخذون هذا السهم. وكذلك الجواب عن المؤلفة، حيث كانت، لأنهم مع الغنى كانوا يأخذون لإعزاز الدين.
ومن قال بالقول الثاني قال : إن الغارم قد يأخذ مع الغنى، وكذلك ابن السبيل، وكذلك الغازي.
والأقرب إلى الظاهر هذا القول، فإن اللّه تعالى ذكر هذه الأصناف، فإن أراد المريد بالحاجة أنه لا بد منها في جميعهم على بعض الوجوه


الصفحة التالية
Icon