ج ٤، ص : ٣٢١
(وَإِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، الآية/ ٥٩.
ذكر إسماعيل بن إسحاق أن ابن عباس كان يقول :«ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم»، وذلك يوافق ما قلناه.
وروى أن نفرا سألوا ابن عباس عن هذه الآية فقال : إن اللّه غفور رحيم، رفيق بالمؤمنين، يحب السترة، وكان الناس لا سترة لبيوتهم، فربما دخل الخادم «١» أو اليتيمة، والرجل مع أهله في الخلوة، فأمرهم اللّه تعالى بالاستئذان في تلك العورات.
وإنما خص اللّه تعالى هذه الأوقات، لأنها في الغالب يخلو فيها المرء بأهله. ولذلك قال :(ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ)، فنبه به على أنها أوقات تكشف العورة فيها وفي مثلها، لا يجوز لمن ليس ببالغ أن يدخل ويهجم.
فأما في سائر الأوقات، فالعادة أن يكون المرء مستترا عادلا عن التكشف، فجائز للخدم والصغار أن يدخلوا بلا إذن، لأنه كالمحتاج إليهم من حيث لا يستغني عنهم في خدمة الدار، ولذلك وصفهم اللّه تعالى بأنهم :
(طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ)، كما قال عليه السلام في الهرة :«إنها من الطوافين عليكم» لما صعب التحرز منها «٢».
ولو جرت عادة قوم بالتكشف في غيرها من الأوقات، فذلك الوقت كهذه الأوقات في منع من لم يبلغ الحلم من الدخول بلا إذن، ولو جرت عادة قوم في الأوقات الثلاثة بالتستر، فالأوقات الثلاثة كغيرها.
(١) أنظر تفسير الدر المنثور للحافظ السيوطي سورة النور.
(٢) أنظر أحكام القرآن للجصاص - سورة النور.