واستعمل الإِطناب في موضع الإِيجاز، واستعمل الإِيجاز في موضع الإِطناب أخطأ.
كما روي عن جعفر بن يحي أنه قال مع عجبه بالإِيجاز: "متى كان الإِيجاز أبلغ كان الإِكثار عِيّاً، ومتى كانت الكناية في موضع الإِكثار كان الإِيجاز تقصيراً".
وأمر يحي بن خالد بن برمك اثنين أن يكتبا في معنى واحد، فأطال أحدهما، واختصر الآخر فقال للمختصر- وقد نظر في كتابه -: "ما أرى موضع مزيد"، وقال للمطيل: "ما أرى موضع نقصان".
وقال غيره: "البلاغة الإيجاز في غير عجز، والإِطناب في غير خطل"١.
فإذا عرفت الإِطنابَ ومكانته من البلاغة فينبغي أن تعرف الفرق بينه وبين التطويل والتكرير والترادف، فقد عرّفوا الإِطناب بأنه "زيادة اللفظ على المعنى لفائدة جديدة من غير ترديد"٢ فقولنا:"زيادة اللفظ على المعنى " عام في الإِطناب والتطويل والتكرير والترادف.
وقولنا: " لفائدة" يخرج عنه التطويل فإنه لغير فائدة وهذا هو الذي عليه الأكثر من علماء البلاغة، والإطناب صفة محمودة في البلاغة بخلاف التطويل فإنه صفة مذمومة في الكلام٣.
وقولنا: (جديدة) تخرج عنه الألفاظ المترادفة فإنها زيادة في اللفظ على المعنى لفائدة لغوية ولكنها ليست جديدة، وقولنا: "من غير ترديد" يخرج عنه
٢ الطراز: العلوي، ج٢ ص ٢٣٠.
٣ الطراز العلوي، ج٢ ص ٢٣٢، والفوائد المشوق: ص ١٥٩.