مجاز القرآن، المقدمة، ص : ١١
كان صفريا «١»، على حين أن البعض الآخر منهم يرى أنه كان من الأباضية «٢» واستدلوا على انتسابه إلى مذهب الخوارج بأنه كان كثيرا ما ينشد أشعارهم ويفيض فى الحديث عنهم وعن أخبارهم ومفاخرهم- يفعل ذلك فى تقدير لهم وإعجاب بهم «٣» ثم نسبوه بعد إلى القول بالقدر، وربما كان سبب ذلك أنه كان يمدح النّظام ويعظم شأنه «٤»، ولكن أبا حاتم كان يبرئه من القدر وينفيه عنه «٥».
ونسبة أبى عبيدة إلى مذهب الخوارج تارة، وإلى القول بالقدر تارة أخرى تكشف عن صلته بمعاصريه وتدل على أنه لم يكن محبوبا بينهم، ولعل فى نسبة آبائه إلى اليهودية- وهي مسألة مرت الإشارة إليها- ما يدل على هذا أيضا.
على أنه ليس فى كتاب المجاز ما يدل على هذه الميول.
شيوخه :
أخذ عن أبى عمرو بن العلاء «٦» (- ١٥٤) النحو والشعر والغريب، وفى «مجاز القرآن» أثر أبى عمرو الواضح على أبى عبيدة.. وعن أبى الخطاب الأخفش، «٧» (- ١٤٩). وعيسى بن عمر الثقفي «٨» (- ١٥٤)، ولازم يونس بن حبيب
(١) مقالات الاسلاميين ١/ ١٢٠.
(٢) جولد زيهر.. ١/ ١٩٧.
(٣) مقالات الإسلاميين ١/ ١٢٠، منتخب المقتبس ١٥٩ ا، ابن خلكان ٢/ ١٥٧، ١٥٨. [.....]
(٤) الحيوان ٣/ ٤٧١ و٧/ ١٦٥.
(٥) الزبيدي ص ١٢٤.
(٦) المزهر ٢/ ٤٠١- ٤٠٢.
(٧) الحيوان ١/ ١٧٧.
(٨) المزهر ٢/ ٤٠١- ٤٠٢.
مجاز القرآن، ج ١، ص : ٩
ومن مجاز ما كفّ عن خبره استغناء عنه وفيه ضمير قال :«حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ» (٣٩/ ٧٣)، ثم كفّ عن خبره.
ومن مجاز ما جاء لفظه لفظ الواحد الذي له جماع منه ووقع معنى هذا الواحد على الجميع، قال :«يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا» (٢٢/ ٥)، فى موضع :«أطفالا».
وقال :«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ» (٤٩/ ١٠) فهذا وقع معناه على قوله :«وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا» (٤٩/ ٩)، وقال :«وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها» (٦٩/ ٧)، فى موضع :«و الملائكة».
ومن مجاز ما جاء من لفظ خبر الجميع على لفظ الواحد، قال :«وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ» (٦٦/ ٤)، فى موضع : ظهراء.
ومن مجاز ما جاء لفظه لفظ الجميع الذي له واحد منه، ووقع معنى هذا الجميع على الواحد، قال :«الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ» (٣/ ١٧٣)، والناس جميع، وكان الذي قال رجلا واحدا. «أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ»
(١٩/ ١٩)، وقال :«إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ» (٥٤/ ٤٩)، والخالق اللّه وحده لا شريك له.
ومن مجاز ما جاء لفظه لفظ الجميع الذي له واحد منه ووقع معنى هذا الجميع على الاثنين، قال :«فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ» (٤/ ١٠) فالإخوة جميع ووقع معناه على أخوين، وقال :«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ» (٤٩/ ١٠)، وقال :«وَالسَّارِقُ