مجاز القرآن، المقدمة، ص : ٢٦
و أن أبا على الفارسي، وابن دريد، وابن برى، والقرطبي، والسجاوندى كانوا يعتمدون على نسخة شبيهة بنسخة ()، كما تدل أيضا على أن نسخة البخاري وابن قتيبة، والمبرد، والزجاج، والنحاس كانت رواية أخرى غير الروايتين اللتين عندنا معا.
عملنا فى هذا الكتاب
دلتنا المقارنة على أن نسخة إلى قدمها أوفى وأكمل، ثم حظها من العناية غير قليل، ولذلك اتخذناها أصلا، ووضعنا الفروق بينها وبين غيرها فى حواشى الكتاب. على أن هذا الاختيار لم يمكن اتباعه وتطبيقه على عمومه، بل ارتكبنا نوعا من التلفيق واختيار للأصل الآخر حيث وجدنا نصّه أكمل أو أصح.
وقد وردت فى بعض الأصول أسماء لبعض معاصرى أبى عبيدة مثل الفراء والأصمعى فرجحنا دائما الرواية التي لا تحوى هذه الأسماء أما ما ورد من أسماء رواة الكتاب فقد أثبتناه بين نجمتين هكذا :.....
هذا وقد عرضنا نص المجاز كما ورد فى هذه الأصول على المراجع التي نقلت عنه، وشواهده على المجاميع والدواوين الشعرية وكتب اللغة. وكان هذا العرض ضروريا بقدر ما كان مفيدا.
ووردت الآيات على ترتيب المصحف، فإذا خالفت الأصول هذا الترتيب نقلنا الآية أو الآيات إلى موضعها من ترتيب المصحف. أما الشواهد الشعرية فقد وضعنا بجانبها رقما مسلسلا، فإذا ما تكرر ورود الشاهد وضعنا رقمه الذي ورد به لأول مرة فى الكتاب بين قوسين، وعنينا بتخريج هذه الشواهد وبالإشارة إلى مكان ورودها. ولم نلتفت إلى شرح الكلمات الغريبة إلا نادرا.
مجاز القرآن، ج ١، ص : ٢٥
و الموارد : الطرق، ما وردت عليه من ماء، وكذلك القرىّ وقال :
وطئنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذلّ من الصراط «١»
«غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ» (٧) مجازها : غير المغضوب عليهم والضالين، و«لا» من حروف «٢» الزوائد لتتميم الكلام، والمعنى إلقاؤها، وقال العجاج :
فى بئر لا حور سرى وما شعر «٣»
(١) نسب الطبري هذا البيت إلى أبى ذؤيب، والقرطبي (١/ ١٢٨) إلى عامر بن الطفيل، والسيوطي (الإتقان ١/ ١٥٥) إلى عبيد بن الأبرص ولم أجده فى دواوينهم.
(٢) «و لا من حروف... إلخ» قال الطبري ١/ ٦١ : كان بعض أهل البصرة يزعم أن «لا» مع الضالين أدخلت تتميما للكلام، والمعنى إلغاؤها ويستشهد على قيله ببيت العجاج... ويتأول معنى :«فى بئر لا حور سرى» أي فى بئر هلكة وإن «لا» بمعنى الإلغاء والصلة، ويعتل أيضا لذلك بقول أبى النجم.. يعنى الطبري بهذا القول أبا عبيدة ويروى تفسير هذه الآية كلها مع ما استشهد به ويرد القول عليه ويصوب أقوال بعض النحويين الكوفيين. وسترى كثيرا أنه يروى قول أبى عبيدة، أو يرد عليه ولا يصرح باسمه، يقول مثلا :«قال بعض أهل البصرة»، «و بعض أهل الغريب من أهل البصرة»، «و بعض أهل العلم بالعربية» ولا يسميه إلا فى مواضع يسيرة جدا، وسترى الطبري كثيرا ما يتطاول عليه، وينسبه إلى الجهل بتأويل أهل التأويل أو ما يشبه ذلك، وهو أحيانا يضرب فى حديد بارد وينفخ فى غير ضرم.
(٣) ديوانه ١٦- والطبري ١/ ٦١ والجمهرة ٢/ ١٤٦ واللسان والتاج (صور) والخزانة ٢/ ٩٥.