مجاز القرآن، المقدمة، ص : ٢٧
و بعد فهذا هو الجزء الأول من مجاز القرآن أقدمه تقدمة أولى للقارىء العربي بعد أن ظل محجّبا عن الأعين طوال هذه القرون، ولست أزعم أننى قد انتهيت منه بل إننى مؤمن أنها ليست إلا محاولة أولى تتبعها أخوات لها ربما كانت أدق منها وأوسع، ومع ذلك فإنى أرجو أن يكون التوفيق قد صاحبنى فى هذه المحاولة الشاقة.
وعلىّ قبل أن أنهى هذه الكلمة أن أعترف بالجميل لأستاذى العلامة هلموت ريتر الذي حبّب إلى هذا الموضوع وأشرف على سيرى فيه.
وللعلامة محمد بن تاويت الطنجى الذي أدين له بشىء كثير فى إخراج هذا الكتاب فقد قرأ مسوداته وصحح أخطاء كانت بها، ثم أشرف على طبعه فاللّه يجزيه عن العلم خير الجزاء. كما أتوجه بالشكر الجزيل للعلامة أمين الخولي أستاذ التفسير بجامعة القاهرة حيث تفضل بقراءة هذا الجزء ولا حظ عليه ملاحظات قيمة كما تفضل بكتابة التصدير الذي نثبته فى أول الكتاب.
محمد فؤاد سزكين
مجاز القرآن، ج ١، ص : ٢٦
أي فى بئر خور أي هلكة، وقال أبو النجم :
فما ألوم البيض ألا تسخرا لمّا رأين الشّمط القفندرا «١»
القفندر : القبيح الفاحش، أي فما ألوم البيض أن يسخرن، وقال :
و يلحيننى فى اللهو ألّا أحبّه وللّهو داع دائب غير غافل «٢»
و المعنى : ويلحيننى فى اللهو أن أحبه. وفى القرآن آية أخرى :«ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ» (٧/ ١١) مجازها : ما منعك أن تسجد. «وَلَا الضَّالِّينَ» :«لا» تأكيد لأنه نفى، فأدخلت «لا» لتوكيد النفي، تقول : جئت بلا خير «٣» ولا بركة، وليس عندك نفع ولا دفع.

__
(١) أبو النجم : اسمه الفضل بن قدامة بن عبد اللّه، عجلى من بنى عجل بن لجيم، أخباره فى الأغانى ٩/ ٧٣، وله ترجمة فى الخزانة ١/ ٤٩.- والبيت فى الكتاب ٢/ ٣٢ والطبري ١/ ٦١ والجمهرة ٣/ ٣٣٤ والزجاج ١/ ١٠٧ ب والقرطبي ٢/ ١٨٢ والصحاح واللسان والتاج (قفندر) والخزانة ١/ ٤٨.
(٢) هذا البيت للأحوص وهو فى الكامل مع آخر قبله ٤٩ والقرطبي ١/ ٦٢ ونقله أبو على الفارسي فى الحجة (م) ١/ ١١٠ من إنشاد أبى عبيدة.
(٣) «و المعنى... خير» : قال الطبري ١/ ٦٢ : كان بعض أهل البصرة (يريد أبا عبيدة) يزعم أن «لا» مع الضالين أدخلت تتميما للكلام، والمعنى إلغاؤها ويستشهد على قيله ذلك ببيت العجاج... وحكى عن قائل هذه المقالة أنه كان يتأول غير» التي مع «الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» أنها بمعنى «سوى» فكان معنى الكلام عنده :
«اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم الذين هم سوى المغضوب عليهم» انتهى. تفسير أبى عبيدة «غير» ب «سوى» حكى عنه فى اللسان (غير) أيضا ولكنه لم يرد فى النسخ التي فى أيدينا وقد رد هذا التفسير على قائله فى معانى القرآن للفراء (٢ آ) دون التصريح باسمه.


الصفحة التالية
Icon