ج ١، ص : ٢١٢
المفردات :
زُيِّنَ لِلنَّاسِ : حبب لهم. الشَّهَواتِ : جمع شهوة، وهي انفعال النفس بسبب الشعور بالحاجة إلى ما تستلذه. الْمُسَوَّمَةِ : المعلمة، وقيل : السائمة التي ترعى في المروج والمرعى. الْقَناطِيرِ : جمع قنطار، وهو المال الكثير.
المعنى :
أن وفد نصارى نجران وغيرهم من صناديد الكفر عرف في خلال كلامهم أنهم يعرفون الحق كما يعرفون أبناءهم، وما يمنعهم من إظهاره إلا خوفهم على ما عندهم من رئاسة كاذبة أو مال زائل، وذلك أنهم يحبون الدنيا حبا أعمى، فبين اللّه حب الإنسان للدنيا ومظاهرها ثم بين ما هو خير من ذلك كله.
وهذه الأصناف المذكورة قد زين اللّه حبها للناس وغرسه في قلوبهم حتى صار غريزة عندهم، ومن أحب شيئا ولم يزين له يوشك أن ينفر منه، ومن أحبه وزين له فلا يكاد يرجع عنه ولا يقبل فيه كلاما ولا يرى فيه عوجا... ولقد عبر القرآن عن هذه الأشياء بالشهوة مبالغة في كونها مشتهاة مرغوبا فيها وإيذانا بشدة تعلق الناس بها، وللإشارة إلى أن حبها من طبيعة الإنسان الحيوانية، فإن الشهوة من صفات البهائم حتى يعتدل الإنسان في حبه لها.
إن الإسلام دين ودولة، وعمل واعتقاد، واعتدال وتوسط قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ [الأعراف ٣٢] فليس ديننا دين رهبنة وتقشف وزهد يفهم بعض الناس... فليس ممنوعا حب هذه الأصناف ولكن الممنوع المبالغة والإسراف فيها حتى تطغى على الناحية الدينية ومظاهرها.
والنساء والبنون زهرة الحياة ومتعة النفس ولكن إلى حد « الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة [إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن غاب حفظته في نفسها وماله » ].
وأما البنون فهم فلذة أكبادنا وقرة أعيننا.