ج ١، ص : ٣٣٩
ومهورهن، وهنا شرط ذلك بشرطين : الخلو من السفه، والاختبار حتى لا يضيعوا أموالهم.
المعنى :
نهى اللّه - سبحانه وتعالى - الأمة نهيا عاما، يدخل فيه أولياء اليتامى والسفهاء دخولا من باب أولى.. نهاهم عن إعطاء السفهاء الذين لا يحسنون التصرف في أموالهم، نهاهم عن إعطاء أموالهم لهم، فإنهم يبددونها، والدين حريص على حفظها لهم.
وإنما أضاف الأموال للأولياء وقال :(أموالكم) مع أنها أموال اليتامى والسفهاء للإشارة إلى أن الولي يجب عليه أن يحافظ على المال، إذ لو ضاع لوجبت نفقة اليتيم عليه، فكأن مال اليتيم ماله، ولا يخفى عليك مبدأ التكافل في الأمة الواحدة، وانظر إلى القرآن وقد وصف الأموال بأنها جعلت قوامكم في الحياة، فبالمال تبنى الأمم صروح العمران وتقام دعائم الدنيا، وفي هذا إشارة إلى أن المال والاقتصاد مما يرغب فيه الدين.
فعليكم - أيها الأولياء - أن تعطوا الأموال لأربابها بشرط ألا يكون سفيها لا يحسن التصرف، وإلا بقي المال في أيديكم حتى يتم تمرينه على المحافظة على الأموال التي جعلها اللّه قوامكم في الحياة.
وارزقوهم منها ومن ثمرتها وكسبها لا من أصلها وذاتها، والرزق يشمل وجوه الإنفاق جميعها من أكل وكسوة وتعليم وتمريض، وخصت الكسوة بالذكر لأنها مظهر خارجى قد يتساهل فيه، وقولوا لهم قولا لينا ليست فيه خشونة، بل عاملوهم معاملة الأولاد بالعطف واللين، وأشعروهم بالعزة والكرامة وأن ما ينفق عليهم من مالهم، وسيأخذونه بعد البلوغ، ويجب عليكم أن تختبروهم لتعرفوا مدى عقلهم وحسن تصريفهم للمال، وقد أطلق القرآن الكريم الابتلاء حتى تتبينوا رشدهم وكمال تصريفهم، لأن لكل زمن وبيئة نظاما، فاختبار المتعلم غير اختبار العامي وهكذا.
وهذا الاختبار يكون عند البلوغ، أى : بلوغ سن الزواج والاكتمال العقلي، فإن تبينتم رشدهم فآتوهم أموالهم.