ج ١، ص : ٣٦٧
يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات »
وقد رويت عدة روايات ثابتة، فيها غير هذه الكبائر كشهادة الزور مثلا... إلخ.
وخرج علماء الحديث ذلك على أن الرسول كان يذكر في كل مقام ما يناسبه، فلم يكن ذلك على سبيل الحصر، على أن الشارع نظر إلى عدم تحديد الكبيرة والصغيرة رجاء أن تجتنب المعاصي كلها، كما أخفى الصلاة الوسطى، وليلة القدر، وساعة الإجابة لنحافظ على الكل.
واجتناب الكبيرة إنما يكفر الصغيرة إذا اجتنبها مع القدرة والإرادة كمن تدعوه امرأة ذات حسن وجمال إلى نفسها، فيأبى ذلك خوفا من اللّه لا لشيء آخر، فهؤلاء الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم البسيط من السيئات، والمعاصي التي تحصل لظرف طارئ كثورة أو غضب ثم يعقبها تأنيب وندم، هؤلاء يكفر اللّه عنهم سيئاتهم ويدخلهم جنات النعيم، نزلا من عند اللّه مباركا طيبا إنه واسع المغفرة.
بعد أن نهى اللّه - سبحانه وتعالى - عن أكل أموال الناس بالباطل وقتل النفس بغير حق، نهى عن كل الكبائر، توعد على ذلك وأوعد، نهى في الآية عن سبب كل هذا وهو تمنى ما عند الغير، وحثنا على العمل والكسب حتى لا نطمع فيما في أيدى الناس.
وقد ذكروا في أسباب نزول الآية عدة روايات، كلها تدور حول تمنى الرجال.
مضاعفة الثواب كما ضوعف حظهم في الميراث، وتمنى النساء الجهاد مثل الرجال وغير ذلك.
ينهانا اللّه - سبحانه وتعالى - عن أن يتمنى كل مكلف منا - ذكرا كان أو أنثى - ما فضل اللّه به غيره، بل الواجب على كل منا أن يعمل ويكتسب ويجد ويجتهد، فله في كل عمل أتقنه وأخلص فيه نصيبه من الحسنات، وعلينا أن نوجه أفكارنا إلى الخير وإلى ما يغذى العقل ويزكى النفس، واسألوا اللّه أن يهبكم من فضله ويمن عليكم من نعمه، فهو الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ما يَشاءُ إِنَّهُ بِعِبادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ « ١ » ولذا ختم اللّه الآية بقوله إن اللّه كان بكل شيء عليما.
واللّه - سبحانه وتعالى - خص كلا من الرجال والنساء بأعمال تتفق وطبيعة كل،

_
(١) سورة الشورى آية ٢٧


الصفحة التالية
Icon