ج ١، ص : ٤٨٢
المعنى :
اللّه - سبحانه وتعالى - سخر لنا ما في السموات والأرض لننتفع به في وجوه النفع من الأكل والشرب واللباس والزينة... إلخ. ولذا كان الأصل في الأشياء الحل إلا أن هناك نفوسا حرمت الطيب وأحلت المحرم وخاصة في المطعومات فبين اللّه لنا ما حرم وما أحل لا سيما بعد سؤال الناس عن هذا.
يسألك المؤمنون أيها الرسول : ماذا أحل لهم من الطعام واللحوم ؟ قل : أحل لكم الطيبات، أى : غير الخبيثات، وصيد ما علمتم من الجوارح المعلمة، وما هي الطيبات ؟ هي : كل ما لم يرد نص بتحريمه واستطابته النفوس الطيبة المعتدلة المزاج، والمتوسطة في المعيشة.
فقد ورد نص بتحريم المحرمات العشر الماضية في القرآن، وورد عن ابن عباس (نهى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير) والسبع عند الشافعى ما يعدو على الناس والحيوان، وعند أبى حنيفة كل ما أكل اللحم ويمكن أن يقال : ما لم يرد فيه نص قسمان : حلال طيب، وحرام خبيث. وهل العبرة في التميز ذوق أصحاب الطباع السليمة من العرب أو يعمل كل أناس وجماعة بحسب أذواقهم ؟
قولان.
وقد ثبت أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم عاف أكل الضب وأجاز أكله لمن سأله كما في حديث خالد ابن الوليد في الصحيحين وغيرهما.
هذا في صيد البر وحيوانه، أما حيوان البحر فكله حلال أكل العشب أو أكل اللحم، أما ما يعيش في البر والبحر كالضفدع والتمساح فلا يحل أكله، وكذا الثعبان والسلحفاة للاستخباث والسم الذي في الثعبان.
أما صيد الجوارح فقد اشترط أن تكون الجارحة معلمة ومرسلة من الصائد حتى يكون قتل الجارح للصيد ذكاة شرعية. وإن أتى به حيا ذكاه صاحبه، وضابط التعليم أن تكون الجارحة إذا أغراها صاحبها بالصيد ذهبت إليه، وإذا كفها انكفت وتمسك عليه الصيد فلا تأكل منه شيئا.