ج ١، ص : ٤٩٧
وقد ذكر الدكتور (بوست) في تاريخ الكتاب المقدس : طبيعة اللّه ثلاثة أقانيم متساوية الجوهر : اللّه الأب، واللّه الابن، واللّه روح القدس، فإلى الأب الخلق، وإلى الابن الفداء، وإلى روح القدس التطهير، غير أن الثلاثة أقانيم تتقاسم جميع الأعمال على السواء.
ولقد رد القرآن هذا الزعم الباطل، وأبطل تلك العقيدة الوثنية فقال : يا أيها الرسول قل لهؤلاء الذين تجرأوا على مقام الألوهية : من يملك من اللّه شيئا إذا أراد أن يهلك المسيح ابن مريم وأمه ؟ من يمنع اللّه إذا أراد أن يميت المسيح وأمه ؟ لا أحد يقدر على هذا!! فاللّه لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه!! بل لا يستطيع أحد أن يشفع عنده إلا بإذنه وأمره وها هو ذا المسيح وأمه قد حصل لهما ما حصل لبقية الخلق فهل منعا عن أنفسهما شيئا ؟ ؟.
وإذا كان المسيح لم يستطع أن يدفع شيئا عن نفسه ولا عن أمه ولم يستطع أحد أن يدفع عن المسيح شيئا فهل يكون هو اللّه الذي بيده ملكوت كل شي ء ؟ تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا!! ولنا أن نرد عليهم بكلامهم.
إذا كان المسيح إلها فكيف لم يرد عن نفسه الصلب الذي هو شر أنواع الهلاك ؟ فقد قيل في الإنجيل :« ملعون كل من علق على خشبة » من إحدى رسائل بولس الرسول، وثبت أن المسيح استغاث بربه ضارعا خائفا وجلا ليصرف عنه ذلك الكأس فلم يجب إلى طلبه، في إنجيل متى :(إلهى إلهى لما ذا تركتني ؟ ). (يا أبتاه إن أمكن فلتعبر عنى هذه الكأس. إن لم يمكن أن تعبر عنى هذه الكأس إلا أن أشربها فلتكن مشيئتك).
فإذا عيسى - كما هو منصوص عندهم - نبي ورسول كما أنه بشر كبقية الخلق خائف وجل متضرع إلى اللّه - جل جلاله - شاعر بأن الصلب شر أنواع الهلاك، ولإخلاصه وصدقه نجاه اللّه من الذين مكروا به وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ [النساء ١٥٧].
لا أحد يمكنه أن يرفع الهلاك ويمنع الموت عن عيسى وأمه ومن في الأرض جميعا وكيف يكون غير هذا ؟ وللّه وحده ملك السموات والأرض وما بينهما.
ولقد كان السبب في تخبط النصارى وضلالهم كثرة المتشابه عندهم في الأناجيل،